ربع مليون إصابة كورونا بشهر .. وماذا بعد؟
د.سهيل الصويص
01-04-2021 02:54 PM
لن يتحسر أردني على شهر اَذار المشؤوم فلقد ترك مأساة في كل بيت وليس في الأفق أدنى دلالة على أن نيسان سيكون أكثر رأفة .
2157 ضحية بشهر واحد من بينهم 1070 في الأيام العشرة الأخيرة وقرابة ربع مليون إصابة جديدة ( 220487 ) منها 84911 بعشرة أيام أرقام لا يمكن أن نتخيلها في الأردن وما يثير الرعب في النفوس أن الأوضاع تتفاقم يوماً بعد يوم دون أن نلمس أن مخططينا الكرام يثابرون لمنحنا ذرة أمل بغد أفضل .
في لندن طوال الأسبوع الأخير لم تسجل وفاة واحدة من الكورونا وما بين 19-26 اَذار كان متوسط الوفيات اليومية 1.5 وفاة وانحسر معدل الإصابات الجديدة في بريطانيا 39.9% مقارنة بالأسبوع الذي سبقه . أمّا في الولايات المتحدة فلقد انخفضت الوفيات في الأسبوع الأخير من اَذار بمعدل 19% بينما في فرنسا تم تسجيل 30702 إصابة جديدة و 194 وفاة في 27 اَذار بينما في الأردن وفي اليوم ذاته تم تسجيل 4399 إصابة جديدة لكن مع 98 وفاة ، وعلى مقربة منّا لم تسجّل الكويت ما بين 21-31 اَذار سوى 98 وفاة بمتوسط 2-13 وفاة يومياً رغم أرقام إصابات عالية بلغت 14170 حالة ( ما بين 1192 و 1548 حالة يومياً ) فهل تسمعون وتقرأون يا سادة التصريحات .
220487 إصابة جديدة بشهر واحد لا تعني فقط 36% من مجموع الإصابات التي سجلت خلال 13 شهراً ( 611577 إصابة ) بل ما يعادل 55% من مجموع الأردنيين البالغة أعمارهم فوق ال 65 سنة ( 398690 أردني ) و 11.8% من مجموع الأردنيين ممن تجاوزا سن الخمسين ( 1.262.120 أردني ) فماذا تنتظرون يا سادة ؟
كفانا تجريحاً أمام الكون ونحن نطالع بأن هذا البلد الصغير ، الذي كنا نتباهى بأنه يملك أفضل نظام صحي في المنطقة ، قد تربع على المرتبة الأولى عالمياً في إصابات ووفيات الكورونا مقارنة بعدد السكان .
كيف للأرقام أن تتحسن ونحن لا نفرض رقابة صارمة على من لا يلتزمون بالكمامات والتباعد ولا حتى على المصابين في الحجر المنزلي حيث يتجول بعضهم باستهتار وبحرية .
وكيف للمستقبل أن يكون زاهراً بدون تطعيم أكبر شريحة ممكنة من السكان وها نحن بعد ثمانون يوماً على بدى الحملة لم نتوصل سوى لتطعيم 3% من السكان .
والأكثر أهمية هل يمكن لأي مشروع أن يكلل بالنجاح دون خطة واستراتيجية مكتملة واقعية لكن كيف لخطة أن ترى النور ونحن لا نملك مخططين وإن كان ذلك مجحفاً فأرشدونا أين هم ونورونا عن إنجازاتهم ؟
الوقت لم يعد للمجاملات فعشرة ملايين أردني يهدد حياتهم الفيروس وبلد بأكمله يغرق ولا نقدم له طوق نجاة سوى أطنان من التصريحات البراقة التي سئمناها ولن تمكننا من تشييد قلاعاً محصنة ضد عدو يخترق قصباتنا دون رحمة ودون سابق انذار .
جيشنا الأبيض ليس منهكاً فقط بل ضئيل بتعداده ، كوادر التمريض شحيحة غير كافية وغير مدربة وبعضها قادم من الكلية لأقسام الإنعاش يقابلها كوادر طبية يقف بعضها عاجزاً عن تقديم العون لأنهم غير مدربين على حالات الإنعاش الحرجة ولم يتم تهيئتهم للمجابهة وتكثيف خبراتهم إبان فترة الاسترخاء الطويلة التي تلت بداية الجائحة فها نحن اليوم نكافح في أقسام الإنعاش أمام مرضى تحت رحمة أجهزة التنفس بأطباء غير محضرين لحالات الأنعاش التنفسي الحثيث بل وحسبما هو معروف يوجد منهم طبيب واحد في المستشفيات الحكومية وبضعة أطباء فقط في القطاع الخاص يحضرون عشرة دقائق باليوم لكل مريض فهل ذلك كاف لينقذوا الأرواح التي تصارع الموت تحت رحمة الأجهزة ؟
نسبة الفحوصات الإيجابية بلغت في 16 و 22 اَذار 20% وعلى مدار الشهر كانت 16.53% أي ضعف المعدل المقبول في غالبية الدول فكيف لأعداد الإصابات أن يضمحل ؟
كفانا وضع مساحيق باهتة على إنجازات وهمية لنظهر برداء المنقذين فالوقت لم يعد للتباهي واستعراض العظلات لأننا إن واصلنا المسيرة على هذا المنوال سنفقد قبل عيد الفطر 2500 ضحية جديدة بل وستة اَلاف من الأرواح البريئة بين العيدين .
لنعترف فالرهان هو الأردن بأننا قد فشلنا بل بأننا فاشلون لأننا لم نجتهد ونرسب في الامتحان بل جابهنا تفاقم الوفيات والإصابات بعيدين عن الحلبة بدون تخطيط واقعي بعيد الأمد ونحن لسنا أفضل من إيطاليا التي واجهت في نيسان الماضي خطر فناء مئات الألوف من البشر فاعترفت بعدم قدرتها على الصراع بل بفشلها وطلبت النجدة من أطباء أجانب مشهود لهم بخبرتهم وأمضت إيطاليا شهوراً في وضع مريح قبل أن تغدر بهم الموجة الثانية .
النتائج المحزنة أمام أعيننا والمستقبل الغامض لم يعد مجرد تكهنات فلماذا لا نفكر بالأردن فقد غدونا عزل ولا نملك الحلول ولننسى غرورنا المعهود ولنقتدي بالايطاليين ونطلب العون اليوم قبل الغد من خبراء ومخططي كوبا أو الصين ولا ننسى حاجتنا الحيوية المستعجلة من ممرضين ليتفادى الأردن ما يحيك له الفيروس اللعين من مفاجاَت وننقذ اَلاف الأرواح المهددة البريئة.