يبدو الملف الاقتصادي، الملف الأهم خلال هذه الفترة، خصوصا، في ظل تأثيرات الجائحة على الوضع الاقتصادي، وعلى قطاعات كثيرة، وهو تأثير تعترف به الحكومة قبل غيرها.
إعلان الحكومة يوم امس عن حزمة اقتصادية جديدة بقيمة إجمالية 448 مليون دينار، للمساهمة في الحد من تداعيات جائحة كورونا، تضمن توفير اكثر من أربعة عشر ألف فرصة عمل في قطاعات مختلفة، وان كانت لفترات قصيرة، وتسييل مبالغ مالية في السوق، عبر سداد الالتزامات على الحكومة، في القطاع الصحي، واستملاكات الأرض، وغير ذلك، ثم الخصومات على الغرامات، والرسوم، وبعض الضرائب، وإن كانت محددة بفترات وشروط معينة، وتأجيل أقساط مؤسسات الإقراض الحكومي، وسبق ذلك التوافق على تأجيل قسط نيسان للراغبين من المقترضين من المصارف، خصوصا، ان القسط يتزامن مع رمضان، امر جيد، وهي حلول مطلوبة، وبحاجة الى حلول إضافية، خلال الفترة المقبلة.
كل هذا المال سوف يتحول الى سيولة بين ايدي الناس، نهاية المطاف، وهذا أيضا يؤشر على ان الحكومة بهذه الحزمة، تعرف ان الوضع الاقتصادي صعب للغاية، وقد سبق هذه الحزمة، برنامج استدامة لدعم الشركات والمؤسسات بقيمة 200 مليون دينار تم تمويلها من الحكومة ومؤسسة الضمان الاجتماعي، وبرامج التكافل لعمال المياومة والعائلات المحتاجة، وغير ذلك، إضافة الى ما فعلته الحكومة السابقة، من إجراءات لتخفيف حدة الازمة، على مستوى العائلات المتضررة، او القطاع الخاص، وهي أيضا حلول قد لا تغير الواقع، كليا، لكن تخفف من حدته.
ما يراد قوله هنا ان هناك ازمة اقتصادية، وبحاجة الى حلول جذرية، خصوصا، في القطاعات التي لم تشملها هذه الحزم، وبحاجة الى حل، ومن بينها قطاع السياحة المتوقف عن العمل منذ اكثر من سنة، وما يحدث على مستوى الفنادق، والتخلي عن الموظفين، إضافة الى وضع مكاتب السياحة، التي بدأت تغلق، وما يتعرض له قطاع آخر، هو قطاع صالات الافراح والاجتماعات، التي ما تزال مغلقة منذ اكثر من عام، وقطاع الألبسة، وقطاع المطاعم المتضرر بشدة، والذي من الممكن التخفيف عنه عبر تحسين شروط عمله، حتى في أيام الجمع، بدلا من منعه كليا، وقطاع المقاهي، وما يتعرض له قطاع النوادي الرياضية، وقطاع الزراعة أيضا، وقطاعات صناعية تطالب بخفض كلف الطاقة، وكلف ثانية، وقطاع المكتبات الذي تضرر بشدة، وقطاع المراكز التعليمية، وقائمة المتضررين طويلة ويعرفها الكل.
الحزم الاقتصادية الحكومية جيدة، لكنها بحاجة الى إضافة حلول معها على ذات المسار، عبر التخفيف عن القطاعات المهددة بالإغلاق الكلي، وبعضها لم يعمل منذ سنة، وبعضها يتعثر، واذا كانت قصة الوباء، هي المشكلة، فإن ابداع حلول، أفضل بكثير من منعها من العمل، كليا، او تضررها بشكل يؤدي الى اغلاقها، وخسارة عشرات آلاف الوظائف، خصوصا، ان الحزمة الجديدة التي توفر اكثر من أربعة عشر ألف فرصة، بعقود مؤقتة، ولمدة شهور، لا تلغي في المقابل خسارة عشرات الآلاف لأعمالهم، في الوقت ذاته، في القطاعات المتضررة، وهذه مفارقة، ان نفتح فرصا جديدة للعمل، وهذا امر إيجابي، لكننا لا نمنع اغلاق آلاف الوظائف بالمقابل، في القطاعات المتضررة، كليا، أو جزئيا، في ظل استمرار جائحة كورونا.
هذا يعني ان الحكومة التي تتلفت الى الوضع الاقتصادي، بهذه الحزم، عليها ان تقوم بتلطيف الإجراءات بشأن القطاعات المغلقة، كليا، او جزئيا، وتبحث ملف القطاعات المتضررة، وهي قطاعات جاء ضررها، لاعتبارات مختلفة، داخلية، وبعضها كان خارجيا كما السياحة، ولربما إيجاد حل لهذه القطاعات، ما يزال ممكنا، عبر إعادة فتحها بشروط متشددة جدا، وزيادة غرامات المخالفات أفضل من اغلاقها، وحتى لا ننتظر فقط، حصول ملايين الافراد على المطاعيم، ولا نعلق الداخل الأردني، على أمل انتظار صيف آمن، ضمن شروط.
الأردن الذي يحصل على دعم دولي، لاعتبارات مختلفة، لا بد أيضا ان يعيد صياغة حملاته الدبلوماسية، من اجل تعزيز الاقتصاد الأردني، والحصول على دعم إضافي من العالم، ومن الدول القادرة على توفير هذا الدعم، دون ان تزيد المديونية، سواء بسبب مشاكل العجز، او التغيرات الحساسة في الاقتصاد، او تأثيرات ملفات مثل ملف اللاجئين، في ظل حساسية موقع الأردن في المنطقة، وأهمية استقرار الأردن، على مستويات سياسية، واجتماعية وأمنية.
(الغد)