ما من حكومة في العالم سواء أكانت من دول العالم الثالث أو المتقدم تعمل وتسعى إلى تآكل شعبيتها، إلا في ظل ظروف غير مسبوقة تفرض عليها إجراءات استثنائية لمواجهة كارثة أو أمر خارج نطاق السيطرة كما الوباء الحالي للحد من آثار تداعياته ما أمكن.
بيد أن ما يتم اتخاذه من إجراءات احترازية لن يلاقى بالترحاب من قبل فئات وقطاعات تضررت عجلة إنتاجها نتيجة عدم السماح لها في العودة إلى ما كانت عليه في سابق عهدها، والقيام بدورها الطليعي تجاه عامليها والدفع في عجلة الاقتصاد إلى الأمام مما تسبب في خسائر بعشرات الملايين لأرباب عمل وتسريح عاملين في الوقت الذي تجاوزت فيه تداعيات كورونا وآثارها وامتدت إلى تقليص الإيراد الحكومي بفعل تعطل عمل قطاعات حيوية رافدة لخزينة الدولة، ووجهت ضربة مزدوجة وقاسية للقطاعين العام والخاص تحت ذريعة مشروعة هدفها الحفاظ على الصحة العامة، إيمانا منها في تغليب الجانب الصحي وإعطائه صفة الأولوية على الاقتصادي.
المفارقة أن مصداقية الحكومة على المحك، فهي إذ تؤكد أن خط الدفاع الأول في مواجهة الجائحة والحد من انتشارها يكمن في انكباب المواطنين على تلقي اللقاح، إلى جانب الممارسات التقليدية التوعوية اليومية من تباعد وكمامات وغيرها من الإجراءات التي تكفل كبح جماع هذا الوباء، لكن ما يثير الدهشة أن عدد المسجلين على المنصة يفوق بكثير أعداد من تلقوا المطاعيم بالرغم من الإصرار الحكومي في الدخول إلى صيف آمن، ما يعني فتح عديد القطاعات المغلقة وإعادة النظر في قرار الحظر الجزئي ونسف كل ما من شأنه إعاقة عجلة الإنتاج وهذا ما يتعذر في ظل سلحفائية إعطاء المطاعيم.
لا نريد أن يغيب عن ذهن الحكومة أننا على أعتاب فصل الصيف، ما يدعو إلى التساؤل حيال المقدرة على توفير المطاعيم لمواطنيها بما يكفل ويلبي غرضها الدخول في صيف آمن، وفي حال نجاحها في الامتحان سيكون مقدمة في ترسيخ الثقة في الحكومة وإجراءاتها لنأمل أن لا يكون كما اعتدنا عليه من حكومات سابقة، مجرد فقاعات إعلامية متطايرة عبر أثير الإذاعات ومحطات التلفزة لا أساس له على أرض الواقع.
المواطن سئم الوعود ويتطلع إلى إحداث فرق على صعيد المعادلة الوبائية بعد الأرقام المقلقة لجهة الإصابات والوفيات، وبات يعيش على أمل بصيف آمن كما وعدُ الحكومة المنتظر.