لا أحد ينكر أن هناك محاولات عديدة فردية و جماعية عبر وسائل التواصل التكنولوجية تحاول زعزعة استقرار الأردن الداخلي واستغلال الظروف الصحية والاقتصادية والإقليمية الصعبة و المعقدة جراء التحولات على المسرح السياسي الدولي، ولعل الناظر إلى الرسائل الإعلامية التي يتم بثها عبر منصات وسائل التواصل يرى أنها تحمل في مضامينها بث الشائعات والأخبار المغلوطة التي تمس السلطة السياسية علاوة على السخرية و التقليل من الجهود الرسمية إزاء التعاطي مع الأزمات الصحية والاقتصادية تحديداً، ومزايدات على أداء المؤسسات الرسمية والتطاول على هيبة الدولة ورموزها بألفاظ وشتائم واهانات، قد لا يقبلها المواطن العادي لو تعرض لها في مناسبة اجتماعية بسيطة، فكيف لدولة أن تقبلها بالتزامن مع احتفالية مئوية تأسيسها.
الخطاب الرقمي اليوم الذي يتم توجيهه للرأي العام في الأردن، خطاب شعوبي يدعي مساندة الشعب وهو في الحقيقة ضد الشعب وضد مصلحته وأقصى ما يقوم به هو دغدغة مشاعر الشعب والرقص على انفعالاته واستثمارها، بالتحريض وإثارة الفتن بتخطيط أو بدون تخطيط، و هو خطاب يتوافق مع أجندات خارجية تضغط على الأردن.
من هنا فإن منطلق العصبية الشعبويّة المصنعة ذات التاريخ السيء عالمياً لا ينتصر للشعب ولا يحقق آماله وتطلعاته ولا يحل مشاكل الإقتصاد والتنمية والبطالة و الفقر، بقدر ما قد يجره إلى المزيد من المآسي ومظاهر التخلف.
ولكن من ينتصر للشعب يكون حسب صواب المواقف وحكمتها و مصداقيتها ومشروعيتها، ولعل المواطن الأردني من الشمال للجنوب قد شاهد دولته بمختلف قطاعاتها و أجهزتها تصرفت بمسؤولية كبيرة خلال جائحة كورونا و من وجهة نظري بأنها غير مسبوقة خصوصاً و أن الأردن أزماته نادرة ومؤقتة وعابرة لا تستمر مدة زمنية طويلة.
ما يجب على الأردنيين الانتباه إليه أو لفت النظر إليه أنه في كل دول العالم هناك جماعات مصالح و هيئات و قوى وأحزاب سياسية لها خططها وبرامجها تحاول خداع الناس و التأثير على آرائهم السياسية، من خلال نقد الوضع القائم وبث التقييمات الزائفة، و تصور نفسها على أنها الأصلح لدفة القيادة وهي ليست كذلك إطلاقاً بقدر ما تسعى إلى تحقيق طموحاتها على مستوى السيادة والرؤية، وفق مصالحها وأهدافها بشتى الطرق و الوسائل بعيداً عن طموحات الشعوب.
أخيراً الأردن دولة عريقة صامدة أمام التحديات الداخلية والخارجية ونموذج ملهم في القدرة على مواجهات وإدارة الأزمات الطارئة على إختلاف أنواعها، و انطلاقاً من الثالوث الأردني الخالد في الحياة الأردنية العامة المتمثل بالدين و الجيش و السلطة، واجب المعنيين بالدولة تحقيق التوازن في التعامل مع أزمة كورونا، من حيث الاستجابة بالحد الأدنى لمطالب النسيج المجتمعي العام، من حيث التوقف عن سرعة الإجراءات التنفيذية، و السماح للمواطنين بالصلاة في المساجد واستغلال الساحات الخارجية وأسطح المساجد ووفق البروتوكولات الصحية، ثانياً العودة إلى ما كان عليه سابقاً فيما يتعلق بحظر التجوال ليعود الساعة التاسعة للمحال التجارية والعاشرة للمواطنين، رفع حظر الجمعة كونه خير الأيام وسيدها.