يبدو ما يحدث بين الأردن وإسرائيل هذه الأيام وكأنه شوط ممتد من مباراة بينهما فى لعبة البينج بونج، التى كلما سدد أحد الطرفين كرةً على ملعبها فى اتجاه الطرف الآخر، تلقفها هذا الأخير وأعادها بضربة قوية معاكسة إلى حيث أتت!
البداية كانت عندما قرر الأمير الحسين بن عبدالله، ولي العهد، قضاء ليلة الإسراء والمعراج فى الحرم القدسي.. وما كاد الطرفان فى عمَّان وفي تل أبيب يتفقان على ترتيبات الأمن المصاحبة للزيارة، حتى كان الطرف الثاني قد عاد عن تعهداته فلم تتم الزيارة وأُلغيت عند آخر لحظة!.. ولابد أن العاصمة الأردنية قد «حملتها فى نفسها» واستكثرت أن يرغب ولى العهد فى قضاء تلك الليلة حيث يحب، ثم لا يستطيع فى اللحظة الأخيرة بسبب حسابات غامضة لدى الطرف الآخر!
بعد الإسراء والمعراج بيومين، كانت الحكومة في الأردن على موعد مع فرصة تعيد من خلالها الكرة إلى طرفها الثانى، وكان ذلك عندما كان بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، فى طريقه إلى الإمارات للقيام بزيارة تأجلت من قبل ثلاث مرات منذ إطلاق العلاقات الدبلوماسية الإماراتية الإسرائيلية، أغسطس الماضي.. وكان أن طلب تصريحًا بمرور طائرته فى أجواء الأردن للوصول إلى أبوظبي!
وجاء الرد من الحكومة في عمَّان بأن المرور غير ممكن، وأن طائرة نتنياهو يتعذر عليها استخدام الفضاء الأردني وصولًا إلى الإمارات!.. لم يكن أمام إسرائيل سوى إلغاء الزيارة من دون تحديد موعد جديد، ولم يكن أمامها بديل آخر!
ويبدو أن تل أبيب قد «حملتها في نفسها» بدورها، فوقفت في مكانها تتحين الفرصة التي ترد بها الكرة من جديد إلى حيث المرمى في الأردن!.. وجاءتها فرصتها عندما طلبت حكومة الملك عبدالله تزويدها بكميات مياه إضافية، وفق الاتفاقية الموقعة بينهما ١٩٩٤!
وكان رد إسرائيل هو الرفض، ليس لأنها لا تستطيع، ولكن لأن نتنياهو كان يخطط لتوظيف زيارة الإمارات انتخابيًا، لولا أن إغلاق الأجواء الأردنية أمام طائرته قد بدد هذه الفرصة من بين يديه وأفسد عليه ما كان يخطط له بينه وبين نفسه.. وقد زاد من سخطه أنه بالفعل دخل الانتخابات البرلمانية بعد إلغاء الزيارة الإماراتية، وبالفعل حصل على عدد من المقاعد لا يؤهله بمفرده لتشكيل الحكومة!
وما أعرفه أن الأردن لم يكن هو البادئ، ولكنه نزل إلى الملعب ثم واصل الأداء فى المباراة بكفاءة عندما وجد نفسه مدعوًا إليها، وكان يطمئنه منذ البداية أنه لا يصح في النهاية إلا الصحيح!
المصري اليوم