عصفت حادثة مستشفى السلط بقيادة الجهاز الصحي في الحكومة. الدكتور فراس الهواري حل وزيرا للصحة خلفا للدكتور المحترم نذير عبيدات. التغيير طال الأمينين العامين للوزارة، بعد توقيف أحدهما على خلفية قضية مستشفى السلط، واستقالة الثاني مسؤول ملف كورونا الدكتور وائل هياجنة لأسباب شخصية تتعلق بعقد عمل في الخارج.
الوزير الهواري طبيب مشهود له بالكفاءة والخبرة، وهو من طينة الدكتور نذير عبيدات الذي لعب دورا مشهودا في إدارة أزمة كورونا وكسب ثقة الجمهور بإجراءات الدولة في مواجهة الوباء منذ أن كان ناطقا إعلاميا باسم لجنة الأوبئة.
الفريق الجديد في وزارة الصحة، لم يكن بعيدا عن أزمة كورونا. في وقت مبكر من الجائحة، كان الدكتور الهواري حاضرا في المشهد وساهم مساهمة فعالة في خلق الوعي العام حول خطورة الوباء، ومن موقعه وخبرته في واحد من أفضل المراكز الطبية الأردنية، مركز الحسين لأمراض السرطان، قدم مساهمات جليلة في خطط إدارة الأزمة، وقبل فترة وجيزة تسلم رسميا إدارة مركز مكافحة الأوبئة قيد التأسيس، وكنت مثل كثيرين أتمنى أن يواصل الطبيب الهواري عمله في تأسيس المركز نظرا لأهميته البالغة، لكن الأزمة التي دهمت الحكومة بعد حادثة السلط، خلطت الأوراق ودفعت بالهواري إلى الموقع الوزاري، بانتظار تحديد هوية من يخلفه بالمهمة الخاصة بمركز الأوبئة.
شخصيا أعتقد أن الوزير السابق البروفسور عزمي محافظة، هو أفضل الخيارات للإشراف على عملية تأسيس المركز وإدارته في المرحلة المقبلة، نظرا لما يتمتع به من خبرات وقدرات على تحمل المسؤولية.
المهمات أمام الهواري وفريقه واضحة على المدى المنظور؛ إدارة أزمة كورونا والخروج منها بأسرع وقت. وفي هذا الصدد يبدو التحدي كبيرا وصعبا.
الأردن يواجه أصعب مراحل التفشي الوبائي، وأمامه أسابيع غير قليلة قبل أن يتمكن من تسطيح المنحي وصولا إلى صفر إصابات ووفيات.
والأمر يعتمد إلى حد كبير على مدى الالتزام بتدابير الإغلاق والحظر وتطبيق أوامر الدفاع، إلى جانب توسيع حملة التطعيم ضد كوفيد 19 والوصول إلى مستوى متقدم من المناعة المجتمعية.
لم يسبق للوزير الهواري أن عمل في ماكينة البيروقراط الحكومي، لكن إلى جانبه أمينان عامان من أصحاب الخبرة في وزارة الصحة، الدكتور محمود زريقات مدير مستشفيات البشير السابق، والدكتور عادل البلبيسي القيادي السابق في الوزارة، والمستشار السابق في منظمة الصحة العالمية.
الإدارة السليمة هي العنصر الحاسم في إدارة الأزمات وتخطيها، شرط توفر الخبرة، وفريق الوزارة الحالي ليس أقل خبرة من سابقه، لكن عليه تعلم الدروس من أخطاء المرحلة السابقة، وإيلاء القيادات في الميدان اهتماما أكبر لضمان تنفيذ الخطط بنجاح.
حادثة مستشفى السلط، هي نتيجة لمشكلة في الميدان، ويتعين على الوزير الجديد تصميم نظام رقابة يضمن متابعة العمل في المستشفيات بشكل يومي، وعدم التهاون مع أي خرق للبروتوكول المطبق.
بيد أن أزمة كورونا ليست التحدي الأول ولا الأخير للقطاع الصحي في الأردن، ثمة أكوام من المشاكل المتراكمة التي تستدعي خططا طويلة المدى لتطوير الأداء ومستوى الخدمات، ومحاربة الترهل الإداري، ونقص الكفاءات الطبية، وتعزيز القدرات للجهاز الطبي العامل، ووقف الهدر في الموارد، وغيرها من المشاكل التي أرهقت كاهل القطاع وجعلته في أسوأ حال.
الثورة الإدارية التي رفعتها الحكومة شعارا، يمكن أن تكون بدايتها في القطاع الطبي بشقيه؛ العام والخاص.
(الغد)