هل اختبرت يوما الشعور بأنك تريد أن تهرب إلى أخر الكون لتدفن وجع يغتال روحك. كم مرة شعرت أن هناك يد خفية تريد أن تسرق فرحك، تريد أن تطفىء نور وجهك، وتنزع أبتسامتك.
هل اختبرت دموع الإحساس بالخذلان من كل هذا الكون هل شعرت يوما أن عزلتك هي الملجأ الوحيد الأمن.
في احدى مدن هذا الكون كان هناك يمامة بيضاء جريحة استطاعت أن تنفض جناحيها لتحلق من جديد نحو الأفق البعيد.
تمردت على الوجع ورفضت الظلام ارادت ان تكون في النور. وكان أكبر أحلامها أن تبقى حقيقية، لم تحلم إلا بأن تبقى على فطرتها الجميلة التي خلقها الله بها.
روحها القوية أصرت أن تتخطى الألم، حلقت وابتعدت لتحمي نفسها من كل قناص يريد أن يردي بها قتيلة. نظرت من أعلى إلى الكون الواسع، ذهلت من هول ما رأت جشع وطمع، كذب وزيف، احتيال واغتيال لكل معاني الإنسانية.
تسألت بدهشة من علم هؤلاء البشر كل تلك القسوة! على ماذا يتنافسون! لماذا يسابقون الزمن! لما يتحاربون وهم يعرفون أن النهاية واحدة.
نسمي الدنيا دار كبد ونشفق على من يغادرها، ونتمنى أن نعمر طويلا رغم أن الشباب والنضج والكهولة مظاهر من الحياة الدائمة الطفولة.
دمعة ساخنة نزلت من عينيها أرادت أن تغسل الوجع الذي سكن واستوطن في روحها لتعود نقية كالماء العذب.
كان النهار غائماً حزينا والكون صامتاً كتومًا. حلقت اليمامة في أطراف حديقة تخيم عليها الأشجار لكن أغصانها كانت صفراء جافة،جلست طويلا تتأمل السماء وكأنها ترجوها أن تمطر رذاذا يجعل تلك الأغصان تحتفل بثوبها الأخضر من جديد.
طارت وابتعدت حتى وصلت إلى منطقة بحرية نظرت إلى البشر ينتشرون بشكل مجموعات، لفت نظرها شاب وحبيبته جميلان المحيا يجلسان بهدوء وكأن الكون بأكمله ملكهم وحدهم، كان ينظر إليها بمحبة أما هي فكانت بقربه وفي عينها بريق الرضا والطمأنينة، وجدت نفسها حسناء بعينيه فشعرت أنها ترتفع إلى القمة.
كانت تنظر إلية وكأنها تريد أن تختبىء بقلبه، همست له أنت سندي الوحيد وعالمي المتكامل.
قد يكون الشيء الوحيد المشترك في هذا الكون الواسع ان الجميع يريد ان يشعر أنه محبوب، ذلك هو أول خطوات سلم السعادة ان تستطيع الشعور بالمحبة بصدق.
كم نحن بحاجة لمدارس تعلمنا الصدق والمحبة والإيثار والتضحية! كم هي جميلة الإنسانية متجردة من جبروتها دون زيف!
فكرت اليمامة طويلا ثم همست لنفسها، أريد أن أرحل بعيدأ نحو مكان لم تطأه يد الغدر، إنه لفخر أن أصعد سلم الزمن بجناح قوي معافى، لا أخشى عليه من الخدش ولا الكسر.
أشرقت الشمس من جديد بشكل ساطع حتى بدت السماء كبيرة، قد تكون الرياح القوية هي من منحت اليمامة الحياة. الحقيقة الوحيدةالمؤكدة أننا خلقنا لنتصر على صلف هذا الكون لا ليتغلب علينا.
Dr.asmahanaltaher@gmail.com