الزفاف الافتراضي في زمن جائحة كورونا
السفير الدكتور موفق العجلوني
30-03-2021 12:34 AM
جذب انتباهي حديث لمعالي وزيرة تنمية المجتمع الإماراتية حصة بنت عيسى بو حميد حول الزفاف الافتراضي" في زمن "كوفيد 19.
بالمقابل جذب انتباهي حفل عرس في احدى المحافظات الأردنية تم دعوة 100 شخص للمشاركة في هذا الحفل!!!.
أسئلة عامة هامة طرحتها الوزيرة الإماراتية اذكر منها :
كيف لنا أن نحوّل المحنة إلى منحة؟!
وكيف يمكننا جعل الفرص تحديات؟!
وكيف يكون الواقع صعباً والقادم سهلاً؟!
كان لجائحة كورونا التي نعيشها ويعيشها العالم انعكاسات يومية على العائلات والافراد في الأردن ودول العالم وعلى الاقتصاد العالمي بشكل عام وخاصة في الدول الفقيرة. وشملت بتأثيرها كافة قطاعات المجتمع وخاصة قطاع الرعاية الاجتماعية والتنمية المستدامة. وهي حكماً تغيرات مجبر اخاك لا بطل كنتيجة إلزامية لــ "التباعد الاجتماعي" و"الحجر المنزلي" اللذين شكّلا أهم إجراء احترازي في مواجهة تفشي فايروس كورونا المستجد، وأحدثا تغيراً كبيراً وملحوظاً في السلوكيات الاجتماعية على نطاق الأسرة وفي المحيط المجتمعي.
تضيف الوزيرة بو حميد ان هذا الواقع لا يبدو سلبياً كما يتوقعه البعض، بل فيه من الإيجابيات ما نحن بحاجته فعلاً، وقد بدأنا نتلمس آثارها مبكراً بـالتقارب الأسري، والتكاتف المجتمعي، والقناعات السلوكية الاجتماعية عموماً.
في ضوء الاستطلاعات التي توصلت اليها العديد من الدراسات في الدول ومن ضمنها دولة الامارات العربية المتحدة حول تداعيات جائحة كورونا "كوفيد 19”، إلى أن التباعد الاجتماعي إجراء احترازي وقائي لكنه في المقابل هو سلوك مجتمعي رافقته مجموعة تغيرات في نمط وأسلوب الحياة العامة. حيث أكدت الاستطلاعات أن هناك تغيراً أكثر في أسلوب الحياة اليومية، وفي معظمها سلوكيات مجتمعية إيجابية، وأن الأزمة ستؤدي إلى زيادة التقارب العائلي والتقارب بين الأصدقاء على المدى البعيد.
وذهب البعض انه سيكون هنالك تغيير جذري لأسلوب الحياة الاجتماعية والتعامل بين الناس والدولة من ناحية، ومن ناحية أخرى بناء مجتمعات أكثر مرونة وتكيفاً مع الأوضاع المستقبلية، وهو ما يمس جوهر الرعاية الاجتماعية والتنمية المستدامة.
ونتيجة الإجراءات الحكومية وأوامر الدفاع بخصوص التقيد بالإجراءات للحيلولة دون انتشار الفايروس، فبدأنا نلمس عادات جديدة بخصوص حفلات الزواج والمناسبات العامة: "الزفاف الافتراضي" أو "أعراس بلا حفلات". ومن واقع المتابعة الشخصية، كما تقول الوزيرة بو حميد تبدو الفرحة فيها غير منقوصة، ويتجلى فيها الالتزام المجتمعي صحياً ومادياً واجتماعياً، وفق الأصول والعادات والقيم المتجذرة في المجتمع الاماراتي.
وبطبيعة الحال هذا الوضع ينطبق على المجمع الأردني والمجتمعات العربية، أما النتيجة فهي حتماً مجدية ومرضية للجميع.
هذه الافراح الافتراضية التي تعزز مفاهيم وإجراءات الوقاية، وتحافظ على صحة الأهل والأقارب والأصدقاء والجيران وتحفظ السلامة العامة، تأتي امتثالاً لتعليمات الدولة وأوامر الدفاع حيث يقتصر حضور "الزفاف الافتراضي" على أقارب العريسين من الدرجة الأولى وان لا يزيد الحضور عن 20 شخصاً. بينما يلتزم البقية بـ "الحضور الافتراضي" والتهنئة عبر تقنيات الاتصالات الذكية.
وتضيف الوزيرة بو حميد، ان "الزفاف الافتراضي" يعد واحداً من المنح التي اقتنصها المجتمع الإماراتي من محنة "كوفيد 19"، لمسنا فيه ذات الفرحة وهي تبدو مكللة بزهو الفكرة أكثر، وعايشنا منه سلوك "الأوليين" في "ما قلَّ ودلَّ" من التكاليف التي لا ترهق كاهل العروسين وذويهم، والأهم؛ نستشف منه استقراراً أسرياً وترابطاً عائلياً، وقناعة وتفاهماً بين الزوجين ينبئان بمزيد من الخير وبالرفاه والسكينة والمودة المستدامة إن شاء الله.
لا بد حقيقة ان يكون هذا التغير في السلوك والعادات الاجتماعية والحياة العامة، متأصلاً في قناعات الشباب والأجيال المتعاقبة، بعيداً عن البذخ والإسراف في حفلات الزواج التي تمضي في يوم وتذهب معها مئات الدنانييرالمستدانه من البنوك او ثمن بيع قطعة ارض موروثة عن الإباء والأجداد او من هنا او هناك إلى غير هدف يستفاد منه.
جائحة كورونا تبعث لنا رسائل ذات جوانب عديدة منها: الصحي والاقتصادي والاجتماعي، وبالتالي هي فرصة يستعيد العروسين ثقة الزواج بأدنى التكاليف وأقل النفقات، دون الحاجة إلى المبالغة في إقامة الحفلات والسهرات وحجز الصالات التي تكون سبب رئيسي ومباشر في نقل العدوى، علاوة على تكبد مبالغ طائلة احياناً تصل الى عشرات الالاف من الدنانير.
لدى مجتمعنا الأردني والمجتمعات العربية اليوم تحد كبير وخاصة، الأب والأم والأبناء والأصدقاء في ان يتم مضاعفة أعداد الشباب والفتيات الملتزمين بهذه الرؤية المجتمعية التنموية، وبذلك يمكن للحياة أن تستمر بشكل أفضل، طالما أننا نستهدف صنع سعادة بعيدة المدى وليس فرحة قصيرة المدى، ما تكاد تستقر حتى تخرج علينا التزامات الزواج ونتائجه وعدم القدرة على تغطيتها الامر الذي يؤدي الى الانفصال او الطلاق علاوة على مشاكل عائلية لا بل مشاكل تؤثر على الترابط الاسري والمجتمع بشكل عام.
والسؤال المطروح الان في الأردن ومجتمعاتنا العربية، اين وزارت الشؤون الاجتماعية وتنمية المجتمع وحماية الاسرة من كل هذه الانعكاسات نتيجة جائحة كورونا، اين وسائل اعلامنا عن تناول الاثار الاجابية لهذه الجائحة التي اخذت المجتمعات والعالم على حين غرة.
اين القيادات المجتمعية التي حالت دون انتشار الوباء، في الوقت الذي نفقد من الأحبة والاهل يومياً عشرات الضحايا والاف المصابين.
ومن هنا أتوجه الى معالي وزير التنمية الاجتماعية الأخ ايمن المفلح والذي اكن له كل التقدير والمعروف بنشاطه الدائم، ان يكون للوزارة مساهمة فعالة في متابعة الزواج الافتراضي و الحث عليه و تقديم الدعم والمتابعة.
الدور المجتمعي مهم جدا خاصة في هذه الازمة، وبات على المجتمع بأكمله ان يكون متماسكا باتباع كافة الإجراءات الاحترازية الصادرة عن الحكومة، وان يكون هنالك التزام مجتمعي شامل باتخاذ كافة إجراءات الوقاية والحماية وخاصة بالتباعد ولبس الكمامات وان يكون هنالك التزام افتراضي بما يتعلق بمناسبات الفرح والترح، وخاصة انه لم يكن التزام في بداية الجائحة، ولا زالت هنالك بعض التجاوزات.
وبالتالي أصبح لزاماً على المجتمع سواء في الأردن او في الدول العربية ودول العالم ان يكون هنالك تقييد بتعليمات الحكومة وأوامر الدفاع واخذ المطعوم بغض النظر عن التسمية من هنا او هناك. وعندها سيتخلص مجتمعنا الأردني والمجتمعات العربية والعالم من شر هذه الجائحة. وان نستفيد من تجارب الاخرين في موضوع القضاء على هذا الوباء.
وعندها كما اشارت الوزيرة بو حميد، اننا بتظافر الجهود الرسمية والشعبية استطعنا ان نحول هذه المحنة الـى منح، وتحديات كوفيد 19 الى فرص، وانتقلنا من الواقع المرير الصعب، الى واقع سهل ومثمر تغمره السعادة والبهجة والسرور.
ندعو الله جلت قدرته ان يجنب بلداننا العربية والإسلامية والعالم اجمع شر هذا الوباء، وان تعود الحياة الى طبيعتها، وان يكون هذا الوباء سحابة صيف وانجلت، وان يتعض العالم من هذا الدرس.
وكلمة أخيرة، لا بد لي ان أتوجه بالشكر الجزيل الى معالي الوزيرة الإماراتية حصة بنت عيسى بو حميد والتي اثارت بي الفضول لتناول موضوع " الزواج الافتراضي " لما له انعكاس إيجابي على الجانب الصحي في مكافحة الوباء، وعلى الجانب المجتمعي بإيجابياته التي ذكرتها انفاً. ولا بد لي ان اشيد بالعلاقات الأردنية الإماراتية والتعاون بين البلدين في مكافحة هذا الوباء.