تثير كلمة مستشار في النفس البشرية أن هناك شخصية فذة عبقرية صاحبها خبير عميق في مجال الاقتصاد او القانون او الموارد البشرية او الطاقة او المياه .... الخ وان هذا الخبير ذي الشيب الذي علا راسه قد تجاوز عمر الوظيفة وان هناك معضلات في دائرة معينة مستعصية على من فيها وهي بحاجة إلى ربان يقود السفينة بنجاح منقطع النظير فيؤتي بالمستشار ليشرع في وضع الحلول وتنتهي مهمته بعد ذلك او يبقى في المخزون الاحتياطي لمجابهة اية مشكلة محتمله.
المشكلة ان دوائرنا تزخر بالمستشارين الذين لا يملكون اسما او وصفا وهم زمرة من المتنفعين والمتطفلين على الدوائر الحكومية جيء بهم ممن يمارسون الفساد ولا يكترثون بالمال العام ويهدرون طاقات دوائرهم ويستنزفون مواردها دون حسيب او رقيب.
والاغرب من ذلك أن هؤلاء المستشارين يستوطنون في تلك الدوائر لسنوات طويلة دون عمل أو استشارة وبعضهم لا تراه يحضر إلى مكان عمله الا عندما يحين موعد قبض الراتب. ومعظمهم لا يملكون من المعرفة او الخبرة والعلم الا ابجدياته لابل انهم بحاجة إلى من يعلمهم ويدربهم ويعرفهم بوظيفتهم وعلى اي حال فهم لا يقدمون شيئا او خدمة ذات بال.
وحتى لو كان عندهم شيئا من المعرفة البسيطة فإن الحاجة إليهم معدومة لوجود موظفين اخرين من كوادر تلك الدوائر يحملون المسمى ذاته وقادرين على سد الحاجة ومنع الازدواجية في العمل فكل دائرة فيها موظفين في مجال الموارد البشرية والشؤون الاقتصادية والقانونية والاعلامية وما إلى ذلك.
وفي الوقت الذي يشكو فيه المسؤولون من ضعف موازنات دوائرهم وعدم قدرتها على تلبية احتياجاتها من الموارد المالية يؤتى بهولاء المستشارين ليضيفوا أعباء مالية جديدة دون جدوى منتظرة او تحقيق غاية ولا يسألهم احد عن هذه المجازفات غير المحسوبه.
آن الأوان وحان الوقت لوضع حد لمثل هذه الترهلات والتخرصات وهدر المال العام في زمن استعصاء المال وندرته.