"وزارة التربية والتعليم" وتحديث بوابة التعلم الذكي
فيصل تايه
28-03-2021 12:22 PM
عندما اطلقت وزارة التربية والتعليم منصة "الكترونية تعليمية" في مطلع مارس/ آذار من العام ٢٠٢٠ "بأمر جائحة كورونا" كمنظومة تعليمية الكترونية استدعتها الضرورة ، ووفق خطط واستراتيجيات تعليمية فاعلة أسهمت في تحقيق نوعية جديدة من المخرجات ، ذلك بتوفير محتوى تعليمي رقمي تفاعلي في وقت قياسي ، اتاح لعدد كبير من الطلبة والمعلمين واولياء الامور الاستفادة منه ، كبديل اضطراري انقذ العملية التعليمية من "الانهيار" ، فالمحتوى الالكتروني جاء متوافقاً مع مناهج وزارة التربية والتعليم ومكمل لها ، ما دلّ على ان وزارة التربية والتعليم حرصت على توفير القاعدة التقنية واللوجستية وآليات التنفيذ وكل ما له علاقة بالخطوات اللازمة لتطبيق منظومة "التعلم عن بعد" .
لقد استفادت وزارة التربية والتعليم من تجربتها هذه ، فعملت ووفق "التغذية الراجعة" على تعزيز وتحديث المحتوى التعليمي الإلكتروني بصورة دورية لإثراء وتعزيز منظومة "التعلم عن بعد" ، مع الاستمرار ايضاً بتهيئة الميدان التربوي وتدريب الكوادر التعليمية "إلكترونياً"ً وتوفير التسهيلات بما يكفل تقديم تجربة تعلم ذكية نوعية تحقق الأهداف المرجوة ، فهذه الخطوات كانت تهدف بالأساس إلى تحقيق "التكاملية" مع البنية الرقمية المتطورة وتعزيز القدرة "ما امكن" في استخدام التكنولوجيا وتطبيقاتها ، دعماً لمسارات التعليم الإلكتروني "الجديدة" التي تتيح للطالب تحصيله العلمي خاصة ضمن هذه الظروف ، وبذلك فقد نجحت وزارة التربية والتعليم في إعادة هندسة المناهج الكترونياً من خلال تجهيز المحتوى الرقمي بشكل يرقى الى المستوى المطلوب .
لقد كانت تجربة "التعلم عن بعد" خيار "الضرورة" لكنها ليست بديلا عن التعليم الوجاهي الا انها وضمن الظروف الوبائية التي رافقت تطبيق التجربة تعتبر بحكم " الناجحة والإيجابية" ، لكن من الطبيعي القول إنه لا يمكننا الاستغناء عن التعليم العام أو التعليم النظري أو الحضوري ، لكن الوضع الاضطراري المفروض وتحدي التجربة " بحد ذاتها " وما تبعها من معيقات وتجاذبات وسرعة التغلب عليها ، أثبت ايجابيتها من بدايتها "شيئاً فشيئاً" ، خاصة عند قياس مدى التفاعل ودرجة الرضى وردود الافعال الايجابية ، وتناقص الملاحظات والشكاوى وتراجعها في الفترة الأخيرة الى مستويات معقولة ، اضافة الى ازدياد عمليات الدخول التي سجلت على المنصة وتناميها بصورة مطردة ، وما رافق ذلك كله من "مؤشرات الايجابية" من خلال متابعة للطلاب أنفسهم وحرصهم على حل الواجبات اليومية والتقييمات الأسبوعية التي تعمل الوزارة على تفعيلها وضعها كنوع من الدعم الفني والبيداغوجي ، اضافة لتجاوب عدد كبير من المعلمين وأولياء الأمور وتفاعلهم الايجابي ، ومتابعة مدراء المدارس والمشرفين عبر الحسابات الجديدة التي استحدثت مؤخراً ، فكان ذلك خطوة إيجابية "واضافة نوعية" للمجريات العمل بما يحقق التطلعات.
ان تجربتنا في " التعلم عن بعد" هذه ، ستغير حتماً وبالتأكيد مسار العملية التعليمية في المستقبل فليس من المتوقع أن يعود التعليم كما كان قبل تفشي فيروس كورونا ، بل سيصبح هذا النوع من التعليم ضرورة حتمية ملحة وخياراً استراتيجياً يفرض نفسه ، وهذا يدفعنا الى التفكير بمسارات تعليمية مستقبلية تواكب مجمل التطورات السريعة ، ما يدفعنا للتفكير بالمقررات الدراسية المتمازجة والتعلم الذاتي وهذا يدعونا الى ضرورة التفكير الجدي بدعوة الدولة كافة المؤسسات والشركات للمساهمة في دعم مختلف جوانب العمل ، خاصة الشركات المزودة لخدمة "الانترنت" باعتبار ذلك مهمة وطنية تتطلب تظافر جهود الجميع للعمل على تغطية تامة وشاملة للشبكة العنكبوتية في مختلف مناطق المملكة ، اضافة الى ضرورة توفر الأجهزة التي تمكن الطلبة من دخول النظام الرقمي واستيعابه للتغلب على اهم التحديات ، وهذا يتطلب ضرورة توفير أجهزة آيباد "تابلت" ، ما يتطلب ايضا مساعدة الشركات الكبيرة في التبرع للوزارة باجهزة لوحية تغطي احتياجات ابنائنا الطلبة خاصة في المناطق التي تعاني شح الامكانات ومناطق "جيوب الفقر" في اطراف البوادي والارياف ، وذلك اسهاماً منها في هذه الظروف الاستثنائية ، اضافة الى مجمل التحديات الفنية التي قد ترافق التعامل مع المنظومة التعليمية التفاعلية مع ضرورة التغلب عليها ليكون النظام سهلاً ومرناً وتفاعلياً .
الان .. وعلى مدى عام ، وبعد ان خضنا التجربة بكل تفاصيلها وتجاذباتها وما رافقها من "ايجابيات او سلبيات" وجب علينا مراجعة عامة وشاملة لكافة أنظمتنا الرقمية الحالية التي تم استخدامها وتقييم ما تمّ ، ومراجعة كافة الجوانب التي نجحنا او اخفقنا بها ، فنحن نحتاج الان اكثر من اي وقت مضى الى تعزيز اليات العمل لتكون اكثر فاعلة والتي تتطلبها الضرورات الحتمية ، ذلك للاستفادة من كافة الامكانات المتاحة كي تعزز تجربتنا ونطورها وننميها ، دون ان ننكر جهد القائمين عليها الذين تحملوا الكثير في سبيل اغناء هذه التجربة ، وأصبح لديهم الافكار المتطورة التي يمكن ان تقودنا الى الارتقاء بالعمل الى مستويات عالية تقنع من خلالها مجتمع التربية والتعليم والطلاب واولياء الامور بما سيتحقق من بنية الكترونية تفاعلية جديدة تمكن الجميع من التفاعل الإيجابي وتخلق جواً دراسيا إلكترونيا اكثر فعّالية ، فمن ضمن الأفكار العاجلة التي تطلبها الضرورات في هذه الفترة "بالذات" ايجاد وسيلة لاستحداث الصفوف الافتراضية ، ليتمكن المعلم من خلالها التفاعل مع طلبته بشكل مباشر ، واعتقد ان ذلك ليس "ببعيد او مستحيل" على القائمين على العمل بخبراتهم وامكانياتهم الفنية والتقنية ، حيث يمكن تحقيقه بالرغم من انه يحتاج الى جهد كبير وإمكانات عالية ، فمن ضمن الأفكار المطروحة والتي يمكن ان تحقق تميزاً في مجالات عمل منظومة التعليم الإلكترونية ، هو القيام بعملية المزج بين منصة "درسك" كمرجع اساسي في التعلم واستخدام إمكانيات "ميكروسوفت تيمس" الرقمية التفاعلية عبر الاشتراك الرسمي "واعتقد ان ذلك ممكنا" حيث ان لكل طالب حساب موثق على هذه البرمجية يمكن استخدامه بشكل تزامني مع محتوى منصه "درسك" اضافة الى تعزيز تجربة الذكاء الصناعي الى مستويات افضل ، ما سيحدث ثورة في عالم التفاعل الرقمي الإيجابي المباشر بين الطالب والمعلم ، وينهي اشكالية ما يعرف بضرورة تطبيق " التعليم المتزامن " ما يمكّن كافة الأطراف المتداخلين في العملية التعليمية التكيف والتعامل معها بسلاسة وإتقان ، فنحن الان نعول على نجاح ادارة التدريب والاشراف التربوي التي تتبنى افكارا إيجابية متعلقة في تحديث انظمتها لتعزيز تجربة "التعليم عن بعد" وتطوير بوابة التعلم الذكي باليات عمل متطورة ترقى لافضل المستويات ، كما واننا نعول على دور المعلمين والمعلمات الذين سيمارسون دورهم الحيوي من خلال متابعة الطلبة متابعة "تزامنية" عن بعد وسيعملون " وبالتاكيد" على تذليل الصعاب وضمان استمرار العملية التعليمية دون انقطاع ، خاصة واننا نمتلك نخبة كبيرة من المعلمين الذين لديهم قدر كبير من التميز والإبداع والتكيف التفاعلي مع الحصة الصفية التفاعلية بطرق احترافية ، وذلك مطلب اساسي لدى مختلف عناصر العملية التعليمية على الرغم من اننا سنواجه تحديات كبيرة في بداية الأمر خاصة من جانب عملية التحكم بضبط دخول الطلاب واكتمال عددهم تزامنياً إلا أن التواصل المستمر والمباشر مع الطالب وولي الأمر من خلال برنامج دروس يومي منظم زمنيا معد للغاية سيسهم في انجاح العمل الى درجه كبيرة ، ذلك سيقلل الفجوة الحاصلة ويتغلب على الصعوبات ، واعتقد ان نسبة كبيرة سيستجيب للتفاعل والتواصل في ذلك ، ليستفيد الجميع بصورة كبيرة من هذه التجربة والتي ستعكس مكانة وقدرة وزارة التربية والتعليم في استمرارية تحديث منظومتها التعلمية الرقمية وانجاح تجربة "التعلم عن بعد" في وقت قياسي ، بجهود الكوادر الإدارية والتقنية التي تحشد كل جهودها وإمكاناتها في سبيل تقديم عملية تعليمية منهجية تسير بسلاسة وفعالية ، الا اننا نراقب عن كثب انفراج جهد الفاعلين التربويين الالكترونيين في سبيل تطوير العمل للانطلاق بآليات وطرق جديدة تساهم بصورة كبيرة لاستغلال تكنولوجيا الاتصال والتواصل .
واخيرا فانا اعتقد ان الشريك الاساسي في عملية التعلم عن بعد هو " ولي الامر " لنعود الى التركيز على دوره في هذا الفترة بالتحديد مع ضرورة استعادة دور البعض منهم "المفقود" قبل الجائحة ، حيث نعلم ان من الضرورة بمكان مشاركة أولياء الأمور في العملية التعليمية سواء كان حالياً في وقت التعلم عن بعد أو في الوضع الطبيعي قبل كورونا وتلك كانت احد اهم الاولويات لدى وزارة التربية والتعليم ، ما ينعكس على استمرارية التواصل ، فبعد اضافة حساب لمدير التربية ومدير المدرسة والمشرف التربوي في منصة " درسك " للمتابعة اليومية لإجراءات العمل ، فأصبحت الضرورة تقتضي فتح حسابات تتعلق بأولياء الامور ليقوم ولي الامر بمتابعة نشاطات ابنه التعلمية من خلال دخوله على النظام ومعرفة أدائه لواجباته ومعرفة تقييماته كما وكانه يتواصل مع المدرسة بشكل حضوري مباشر ،
بقي ان اقول انه وفي ظل أزمة كورونا وتطبيق التعلم عن بعد سيكون هناك مزيداً من التجاوب عند أولياء الأمور خاصة بعد السعي لإيجاد الية مناسبة لمزيد من تفاعل المعلم رقميا مع طلبته ، والتأكد من دخول كافة الطلبة الى النظام ليكون ذلك بعلم ولي الامر لذي سيتفهم الوضع وذلك سيشكل فرصة وتجاوب مع النظام بفضل دعم ولي الأمر فهذه التجربة ستثبت جدارة وأهمية الدور الذي يلعبه أولياء الأمور في العملية التعليمية وأهمية متابعتهم لأولادهم ما يمكننا من تثمين مشاركة أولياء الأمور ودعمهم لأبنائهم في المنازل في فترة التعلم عن بعد.
والله ولي التوفيق