الكرامة وباب الواد .. صورتان متشابهتان في الشكل والاداء والهدف
د.بكر خازر المجالي
27-03-2021 11:23 PM
معركة الكرامة كانت بالفعل معركة مصيرية، ولو حقق العدو هدفه لكانت المنطقة بصورة مختلفة وتعج بالصراعات وتنوع المليشيات وندخل في قتال واشتباك لا يُعرف مداه، ولا نستطيع تحديد وجه وشكل الاردن الذي سيكون قاتما سيئا بكل التفاصيل.
هذه اهمية معركة الكرامة التي وضعت حدا للغطرسة الاسرائيلية بل والتفوق والهيمنة التي سادت لفترة ما بعد حزيران حتى كان نصر الجيش العربي الاردني في الكرامة الخالدة.
كان اندفاع الهجوم الرئيسي عبر جسر الملك الحسين باتجاه الشونة الجنوبية ثم الى مدخل وادي شعيب بهدف مواصلة التقدم عبر طريق وادي شعيب باتجاه عمان والسلط والسيطرة على المرتفعات ومن بعد تحقيق السيطرة على كل المرتفعات الشرقية بعد نجاح التقدم عل محور ناعور جنوبا ومحور دامية العارضة شمالا.
لكن كان توزيع قواتنا في محور وادي شعيب محكما، والمنطقة هي على شكل نصف دائرة وفي القلب طريق عمان السلط، فعلى يمين المحور باتجاه الشمال الطريق الى الكرامة ومرتفعات حادة والى اليسار باتجاه البحر الميت ايضا مرتفعات حادة، وصرح شهداء الكرامة الان هو في قلب هذا المحور، فكان توزيع القوات الاردنية بانساق مسكت الارض بالنار والمراقبة واحتوت الهجوم الاسرائيلي، وشهدت هذه المنطقة استشهاد النسبة الاكبر من شهدائنا وتدمير العدد الاكبر من اليات العدو.
كان تركيز العدو على الاندفاع عبر طريق وادي شعيب صعودا الى السلط وتهديد عمان ومن ثم تحقيق هدف تركيع الاردن وجره الى اتفاقية مذلة، وستكون المحصلة كارثة ومعاناة قاسية.
الصورة الاخرى المشابهة تماما هي في عام 1948 في معركة باب الواد، فقد انتشرت الكتيبة الرابعة "الرابحة" في فم باب الواد، وهو مثل مدخل وادي شعيب ممر خانق وهو الوحيد المؤدي الى القدس وعلى شكل نصف دائرة في طرفه الجنوبي دير اللطرون وفي طرفه الشمالي عمواس ويالو، وهدف العدو اختراق الجبهة الاردنية والاتصال مع اليهود المحاصرين في القدس العربية القديمة واليهود في القدس الغربية ايضا، وصمدت كتيبة المشاة الرابعة بقيادة الرائد حابس المجالي وحطمت موجات هجوم العدو المتتالية ومنعته من تحقيق اي اختراق، ومن ثم بعد يأس اليهود في داخل القدس القديمة من وصول اي نجدة اليهم استسلموا للقوات الاردنية ونقلوا كأسرى الى ام الجمال في شرق المفرق.
ولو حقق العدو هدفه في باب الواد لوقعت القدس بيد الاعداء منذ ذلك الحين وتغير مسار القضية الفلسطينية بشكل معقد فيه كارثة للعرب.
وفي الذكرى الثالثة والخمسين لمعركة الكرامة وحين يكون المرء في وسط محور وادي شعيب وفي قلب المحور عند صرح شهداء الكرامة تقفز الى ذهنه الصورتان، وتتالى صور البطولة والبسالة والتضحية في صد العدوان بل وتحطيمه، والفاصل بين الكرامة وباب الواد عشرون عاما ولكن الفاصل التاريخي كمشهد هو متلازم فيه تلك الروح والصمود والشجاعة لجندي الكرامة وجندي باب الواد، صورتان من التاريخ ، صورتان من البطولة والصمود هما للجندي الاردني الباسل ولجيشنا العريق جيش باب الواد وجيش الكرامة.