..فضلاً عن اوجاعها فان للامراض "محاسن ومفاتن" تستغرق أُناساً بين ظهرانينا حتى تغدو مطيّة يمتطيها القوم لاجل (الخدمة) . أمّا هذه فربما لاجندة ترفع شعارات "العدالة الاقليمية" وليس الاجتماعية وهنا مقتل اصحابها ومروجيها الذين "يدبون" الصوت عاليا لقهر هنا او ظلم هناك، متناسين ان هذه التجليات تنسحب على الجميع بشتى "منابتهم واصولهم" . وللتذكير فان مطلقي "الحقوق المنقوصة" هم خنجر في الخاصرة الاردنية الفلسطينية، ولعلهم لا ينكرون ان من تقع عليهم "الظلمات" هم من ابناء الطيف كله "خلايلة" و "حويطات" و" وحسنية" و"حمايدة" وهلسة" و" عمرو" "ابو سويلم" و"صخور" . ولئلا ننسى زيدا نضيف بان الفسيفساء في الاردن تحلُّ ضيفاً مُقيماً تحت "الهواة" و "الاستهداف" ان كان موجودا خارج رؤوس مروجيه.
هؤلاء ذاتهم يبرطعون شمالا ويمينا ويتدثرون بحماية يستترون خلفها، يبثون قصصا ويبتدعون اخرى، كل ذلك من اجل عيون الناس من "منبت" بعينه لا يعرف الا بوصفه منتجا لبطولة ينحدر بها القوم الى اسفل سافلين وأنّى لهم. نسأل : لم لا ينخرط هؤلاء في حزب معلن سيكون حتما برائحة "منتنة" يقبل "محمد علي" ويرفض "مفلح الحويطي".
يقوم دعاة الاقلمة على ضفتي اوجاعهم بتشكيل وجوههم كل يوم لتكون في "الخدمة" كما يجب، مغفلين كنه المفهوم اليهودي الصهيوني واستهدافه للارض والناس شرقي النهر وغربيه.
يدفع هؤلاء بحق الاردنيين في العمل والخدمة في كل المؤسسات العامة مضمونا للتساؤل عما يسمى "احتكار" التوظيف في مؤسسات بعينها على "المشارقة" ان جاز التوصيف، وصولا الى التمثيل النيابي خصوصا في العاصمة والزرقاء . يقابلهم موتورون يلقون سؤالا "بريئا" عن سر اقتصار التوظيف خصوصا في مؤسسات خاصة كبرى على "منبت" بعينه وهم في ذلك لا ندري ان كانوا "محقين".
ومن الواضح ان ارتفاع عقيرة معسكري ما يسمى بوطنية "الحقوق المنقوصة" واردنة الاردن يؤشر الى اخفاق في بناء لُحمة حقيقية بين بسطاء الناس، وهو ما يترافق مع فشل في التصدي لقضايا الوطنية الاردنية في افاقها المناهضة للعدوان الصهيوني، اذ لا يبدو ان هناك حلا يربح فيه الجميع سوى الدولة الوطنية وتطورها الديمقراطي الحقيقي، أي إعادة إنتاج دولة القانون المعبرة عن الكلية الاجتماعية والمواطنة.
وفي التقدير فان مقدمة بناء الدولة الوطنية وضمانتها هو صيرورتها ديمقراطية ومن ثم تحرير الأفراد من الروابط والعلاقات ما قبل الوطنية، مثل العشائرية والجهوية والاقليمية ودمجهم في فضاء وطني موحد اجتماعيا وثقافيا وسياسيا.
ان تلازم الوطنية والديمقراطية في اردن اليوم سيعيد إنتاج المجتمع وفق اسس مغايرة لتلك التي تكرس المرض واسبابه التي تنتج اعراضا تفسر في لحظة تاريخية اخفاقا لدمج استمر عقودا. ولعل من شأن انتهاج سياسة تأخذ على عاتقها توحيد الناس في دائرة الإنتاج الاجتماعي الحديث، التي يتحدد فيها دور كل فرد في عملية الإنتاج وموقعه في السلم الاجتماعي ونصيبه من ناتج العمل، ان يكسب الأفراد صفات ينقسمون بموجبها فئات أو طبقات اجتماعية مختلفة ذات مصالح متباينة، وتنشأ في ما بينهم علاقات جديدة مؤسسة على المصالح المباشرة تغدو علاقاتهم الطبيعية القديمة (العشيرة والاقليم والمنبت) إلى جانبها ثانوية.
muleih@hotmail.com