يشدنا الماضي وتتراكض ذكرياته في وجداننا في كل حين ونتذكر جيدا منظومة القيم الأخلاقية التي سادت المجتمع الأردني في خمسينيات وستينيات القرن الماضي وما آلت اليه من الانحدار والتردي الذي أوجع قلوبنا ودعانا إلى مراجعة ضمائرنا والبحث عن الأسباب التي ادت بنا إلى ما نحن عليه.
ففي حين كانت قيم الكرم والشهامة والمروءة والتسامح والصبر والرضا بالقليل والتعاون والصداقة المبرأة من المصالح تسود مجتمعنا الا اننا ومنذ سنوات طوال نفتقد هذه القيم واصبحت في طي التاريخ.
وفي الوقت الذي كان الشعب الأردني شعبا جلودا غيورا منتجا يمتهن الزراعة وتربية الماشية والحرف اليدوية أصبحنا شعبا مستهلكا ومستوردا لمعظم احتياجاته من دول أخرى حافظت على نفسها ومكانتها ولم تركن إلى الدعة والعزوف.
وعلى الرغم من الجهود المضنية التي كانت تبذل في التنقل والعمل والإنتاج وعدم توفر الوسائل المساعدة والتي تسهل العمل الا ان ذلك كان مجللا بالصبر والتحمل وتحقيق الهدف رغما عن مشقة الوصول اليه.
واستيقظنا على أنفسنا وقد تفككت عرى واواصر النسيج الاجتماعي والتعاون وحب الخير في إطار يحافظ على الجماعة والروابط الأسرية ووحدة الشعور إلى الاثرة والتقوقع على الذات.
وسلبت عقولنا مشاهدة الفضائيات وقنوات التلفزة والهواتف الذكية بقضها وقضيضها ونبذنا العمل والإنتاج واصبحنا نشكو همومنا ولا نعرف إلى السعادة سبيلا.
ويبدو اننا لم نراجع أنفسنا ونقف وقفة تأمل تتيح لنا استرجاع الماضي إلى وجداننا او ان هناك إياد خفية عبثت بمكنوناتنا وضمائرنا من حيث لا ندري لنستسلم للوهن والضعف والانغماس في مشاغل لا تغني ولا تسمن من جوع.
ولا ندري ماذا تحمل لنا الايام القادمة في زمن يصعب فيه التنبؤ بما سيقع في الغد ولكن يبقى توطين النفس وتذليل الصعاب مرهون بارادتنا.