السياسي الأقدر على البقاء
علي السنيد
26-03-2021 07:37 PM
اثبتت تجربة الدول الناهضة ان ارادة الشعوب وتحقيقها هي مطلب ومبتغى عملية الحكم الراشدة، وان السياسي الاقدر على البقاء هو ذلك الذي يتجاوز صناعة الصراع مع الناس الى زيادة اعداد المؤيدين له وتقليص عدد الخصوم على خلفية السياسات المتبعة.
ولذلك يحاكي الحكم مقاصد الحكمة وتعتبر الحكومة بيت الحكمة التي يتركز فيها العقل الجمعي. وتمثل تطورات الاجيال ومخزون التجربة السياسية.. والتي تتخذ القرارات السليمة لصالح الناس وتطلعاتهم الوطنية وتربط قراراتها بالرضا الشعبي وتحقيق الصالح العام والحفاظ على تحقيق ارادة الاغلبية.
وان فن ادارة الشعوب يحتاج الى برنامج توافقي يؤمن بقاء الاغلبية في صالح الحكومات. وعندما تفقد هذه الاغلبية لا يمكن لها الاستمرار.
الاولى في الاردن استعادة روح الحوار الوطني واجراء مراجعة شاملة للنهج المتبع والية تشكيل الحكومات.
والخطوة الاولى تبدأ من استعادة ثقة الشعب بالعملية الانتخابية ما يستدعي تحفيز القاعدة الشعبية التي عزفت عن التصويت في الانتخابات النيابية الاخيرة واحجمت عن ممارسة حقها الانتخابي كاحتجاج على جدوى المشاركة على ذات القانون الانتخابي مع استمرار التراجع في اداء المؤسسات ومخرجاتها. ما ادى الى خروج قوى المجتمع المدني تقريبا من معادلة الداخل السياسي الاردني لتهيمن بدورها الجهوية على المؤسسات مما عمق ازمة التنمية والمواطنة والعدالة الاجتماعية وسادت الواسطة والمحسوبية والفساد.
وقد تراجع الاداء العام للحكومة وسادت اجواء التشكيك وتبادل الاتهامات. وانهارت المعنويات العامة لدى العامة. ولذلك لا بد من استعادة المبادرة في خرط الناس مجددا في عملية انتخابية مجدية على اساس قانون انتخابي جديد يحفز الاردنيين على المشاركة. ويمثل حقهم المشروع في عملية الحكم وبالتالي تحمل نتائجها.
وكي نتجنب انفلات الشارع غير المنظم فان المصلحة العامة تقتضي احياء الحياة الحزبية والنقابية واعطائها القدرة مجددا على تأطير الاردنيين وتمثيلهم والتعبير عن ارادتهم الوطنية وتأهيل اجيالهم في العمل السياسي ذلك ان الحياة الحزبية والنقابية هي مولدة للنخب التي تتقدم بها الى القواعد الشعبية والتي بدورها تقترع عليها لمثيلها في مجلس الامة وكي يمثل الاغلبية التي تتشكل من خلالها الحكومات وبذلك لا ينفصل الشعب عن حكوماته.
وتصبح السياسيات المنبثقة عن الحكومات نابعة عن ارادة الشعب الحقيقية من خلال ممثليه ولا يتنصل عن المسؤولية المقترنة بالمحاسبة و المترتبة على ممارسة السلطة.
التوافق الوطني هو الخيار الاوحد للمستقبل الآمن. وهو كلمة سواء حيث الاوطان لا تعيش حالة مكاسرة وهي لا تمثل اطرافا متناقضة يصفي بعضها البعض وانما تنهض وتتطور بوصول جميع الاطراف الى تسوية عادلة تضمن التوافق على الاولويات.
لا شك ان التهرب من استحقاقات الحالة الشعبية امر لا يمكن له ان يستمر طويلا، والسياسي الذي يرجح الخيار الامني يؤكد عدم قدرته على الحوار، وتهربه من حقوق الناس ومطالبهم العادلة.