دولة الكيان بين النُظم السياسية
اسامة احمد الازايدة
26-03-2021 07:09 PM
يصنِف المشتغلون في السياسة و القانون أنظمة الدول بعدة تصنيفات ما بين اللازم و المتعدي تتراوح بحجم أثرها داخليا و خارجيا، هذه الدول التي تنقسم في الغالب ما بين مستعمِر و مستعمَر تنعكس اوصافها على أنظمتها داخليا بتناسب عكسي، فتتفاوت ما بين ديمقراطي ومعتدل ومستبد، وتجد أشدَها وطأة على شعوبها هي الدول التي نال منها الاستعمار تطبيقا للمثل الشعبي (اللي ما قدر عالحمار تشاطر على البردعة)، في حين ان النظم الاستعمارية آمنت بضرورة الحريات كوسيلة لديمومتها فتجد أن نظمها السياسية تشكلت على نحوٍ يُشرك شعوبها في الحكم.
في مختلف أشكال هذه النظم وتصنيف انظمة الحكم في الدول، و بموضوعية علمية بعيدا عن العاطفة و التمنيات بالزوال، ينفرد (الكيان الصهيوني ) بحالة لا ينطبق عليها وصف أيٍ من النظم المتعارف عليها فهو كدولة بأركانها الثلاث يبدو أنه كيان غير دائم: شعبٌ في معظمه يحمل جنسيات اخرى، جغرافيا مسروقة، أما عن نظام حكمه فهو محل البحث، و سواءٌ أشئنا أم أبينا هو نظام حكم يؤمن بتداول السلطة و لعل هذا الامر الوحيد هو الذي جعل الكيان لا يزال متماسكاً منذ بضع و سبعين عاما، كيانٌ يحمل كل مبررات الزوال : بني على العنصرية و السرقة، لا يؤمن شعبه بالديمومة في هذه الجغرافيا، كيان متأهب طوال الوقت ليس لديه فرصة ليغفو و مع ذلك كله أدرك أهمية تداول السلطة، وما لفت الانتباه الى هذا الموضوع هو التساؤل عن نتائج الانتخابات الاخيرة وعن ماهية تلك الذهنية الصهيونية التي قبلت بأن يصل الى الكنسيت كتلة نواب عربية اسلامية، ما هذه الثقة لدى الدولة العميقة لديهم بأن تؤمن بوصول هذه الكتلة الى الكنيست و تضع بيدها بصورة او بأخرى ترجيح اختيار رئيس وزراء الكيان ؟؟؟ أتخيل حجم ادراك الكيان أن يتحمل مخاطرة دخول كتلة عربية اسلامية للكنيست باعتبارها اقل خطورة من تزوير ارادة الشعب .
لكل راغب بالقراءة والمقارنة بين النظم السياسية في العصر الحديث سيظهر الفارق الكبير بين الانظمة التي آمنت بتداول السلطة و نتج عن ذلك أن حافظت على شكلها و مقدراتها و شعوبها و عمرها و بين الانظمة التي اختارت حكما فرديا و حصرت السلطة في ادوات تصنع مسطرة خاصة بها ونتج عن ذلك أن شوهت صورتها و بددت مقدراتها و قهرت شعوبها .
و لكل من أراد أن يعرف عدوه أن يعرف نقاط قوته قبل ضعفه , هذا الكيان سبقنا بالبطش بنا , ثم سبقنا بسرقة التاريخ و ها هو يسبقنا و يعوض استبداده في الخارج بالحريات في الداخل و يتفوق على نفسه بأن يقبل تحدياً جديدا - رغم ايمانه الداخلي بعدم الديمومة – بأن يستمر في حربه مستعينا بأدوات ديمقراطية تحمل معها أعداءه , هذه الثقة تجعل من هذا الكيان نظاما جديدا من نظم الحكم السياسية لا يكفي لردعه مجرد الدعاء له بالزوال .