قراءة المشهد ليوم " ٢٤ اذار" حيث دعوات التظاهر والتعبير الحر ضد الممارسات و النهج السائد ليست جذابة بقدر ما كانت مؤلمة، ويتساءل العديد لماذا ؟ وهل وحد المشهد الداخل والخارج ام قسم الداخل ووحد الخارج ؟، هل نجحت الحكومة في تجاوز الازمة ام زادتها تعقيدا؟، هل حالة الغضب الحكومي والتطرف في التعامل مع المتظاهرين خلق نوعا متطورا من معارضه ستعود في مشاهد أخرى وبصور أكثر قوة ام لا؟، هل حقيقة هناك تصنيف جديد يضاف الي اجنده من هم وراء جدران الحماية يقسم الأردني الى أردني في الخارج وأردني في الداخل عوضا عن الأردني أردني أيا كان وحق كل أردني ابداء الرأي أيا كان ووجوده بالخارج لا ينفي عنه المواطنة والمشاركة في كل قرار؟ ام ان الأردن فقط للحكومة والوزراء ومن هو قاطن داخل الأردن؟ هل مطلوب من الأردني ان يخلع ثوبه ويتنازل عن اردنيته وحبه لتراب وطنه مجرد ركوبه الطائرة؟
ثم اليس هناك من في الحكومة يحملون جنسيات غير الأردنية ومنتفعون من انظمة الصحة والمدارس والتقاعد والحماية في دول اجنبية والمنصب الحكومي الأردني هو نوعا من الوجاهة في انفصام واضح حول قسمهم حين الحصول على الجنسية الأجنبية على احترام قوانين الحريات والتظاهر والراي الاخر في اوطانهم الجديدة وهم يحثون على عكس ذلك ومعارضة تلك القواعد السياسية الاساسية في وطنهم النفعي؟، فهل ينظر الي هؤلاء الوزراء باعتبارهم من الداخل ام الخارج؟ ام انهم حصان طراوده ؟
العولمة الغت المكان والزمان وبقي الانتماء والمواطنة.
ورغم اقتراحات ومناشدات للحكومة التي يرأسها د. بشر الخصاونة مليئة بالنصائح القابلة للتنفيذ على الفور لاحتواء الشارع ، وليس فقط للمفاوضات -عالية المخاطر- مع الامن والحراك والداعين الى التظاهر وأيضًا للتعامل بشكل حضاري مختلف عن الايام العرفية التي شهدها الأردن في السبعينات مع النزاعات اليومية ، ومع توارد رسائل في الداخل والخارج بوسائل وأساليب متطورة لا يمكن ايقافها او حذفها او منعها مثلما كان يحدث مع الجرائد والمجلات، يدعو بعضها لتغير النهج سلميا الا ان التعنت والعناد الحكومي والاذرع التابعة ساد الموقف.
المشهد يؤكد بما لا يدع للشك على نفاذ الذكاء العاطفي للحكومة مع التضحية بسلطة صنع الاتفاقات مع الشعب وتحقيق المطالب الوطنية، متذرعة بمقولة "مخربون" و " سمحنا للجميع الكتابة بسقوف عالية " وكأنها منة ومكرمة حكومية في ابداء الراي الذي نص عليه وحصنه الدستور منذ عام ١٩٥٢، وهنا التساؤل كمهندسين:" هل الإشارة والتقرير الذي يشير الي أن المبنى الايل للسقوط يحتاج تعزيز وتقوية وتدعيم الاعمدة والجسور وتغيير اساسات يعتبر عملا تخريبيا؟ وهل لو اتى من الخارج مرفوض ومن الداخل مقبول؟".
للأسف مقولة الداخل والخارج هي مقولة منقوصة ويجب شطبها من القاموس السياسي لان الأردني واحد في كل منطقة عباءته التي يلتحف بها عشق الوطن الذي يفتديه بدمه وحياته أيا كان.
من نصوص الواتس اب المرسلة من قبل حراك شعبي رافض إلى السياسات المتعبة للشعب والمتبعة بلا أي بوادر إصلاحات الى رئيس الحكومة الذي لم يستطع قبول "لا للنهج المتبع بطرق سلمية" وغابت عن حكومته الإجابة الديمقراطية واستبدلها بعصا غليظة، يجعل المشاهدة لما حدث يوم ٢٤ اذار بلا استثناء ناقوس خطر في سلطة فردية بارزة.
مطلوب مراجعة شاملة لكل ما تم بشفافية وروح وطنية واحده، لا تفرق بين الشعب والحكومة، تجمعهم المصلحة الوطنية العليا، وحتمية دراسة المشهد من قبل وطنيين محترفين حتى يستمر الأردن في الأوقات الحرجة والتقلبات التي تعصف به امنا عوضا عن استخدام أدوات تضع الوطن على حافة الهاوية.
لا شك ان حراك ومظاهرات ٢٤ اذار نقطة تحول خلقت مناخا مغايرا لما كان عليه الأردن قبل ٢٤ اذار، وعلى الحكومة ان تعترف بذلك وتتراجع عن عنادها وتمسكها بالكراسي والمنصب، وتسعى للاحتواء والتشاركية لأجل تحقيق حلم الشباب والأجيال - التي سحقها الفساد والسياسات الخاطئة والدعوات المشبوهة لحقوق منقوصة حطم حلمها وافقرها - بوطن مميز.
حقنا ان نحلم وان يتحول حلمنا الى حقيقة من خلال العمل يدا بيد دون انقسام.
aftoukan@hotmail.com