يتم تصعيد الشيخ "زكي بني ارشيد" إلى سدة الرئاسة في حزب جبهة العمل الاسلامي ، مُجدداً ، بعد غياب لاعوام ، والرجل المعروف بحدته ، قد لا يكون عائدا بذات الحدة القديمة.
المراقبون اعتبروا ان عودة "بني ارشيد" الى رئاسة الحزب دليل على اننا سوف نشهد فترة توتر بين الحكومة والحركة الاسلامية ، قياسا على فترات سابقة كان فيها بني ارشيدُ رمحَ هذه التوترات ، وهو تحليل منطقي في سياقه العام ، لكنه غير كاف للحكم على اداء الرجل ، اذ ان ظروفاً كثيرة قد تكون تركت اثراً على تجربته ، وعلينا ان نصبر لنعرف الى اين سيأخذنا "زكي بني ارشيد" في فترة رئاسته الجديدة.
فصل الترابطات التنظيمية بين حركة الاخوان المسلمين وحركة حماس الفلسطينية ، امر منتج ومهم ، للطرفين ، لاعتبارات كثيرة ، فالجماعة سوف تتخلص من الاتهام التقليدي لها بوجود تنسيق وتداخل بين الجماعة والحركة ، واذا كان بني ارشيد من تيار الصقور ، تاريخيا ، فإنه يعود اليوم في ظل ظروف جديدة مختلفة ، اولها الفصل الكامل بين اخوان مسلمين الاردن ، وحركة حماس الفلسطينية ، ويعود ايضا على مشارف انتخابات جديدة ، وفي ظل ظروف محلية لاتحتمل ابدا اي تراشقات ، فوق الذي نحن فيه من توترات سياسية واجتماعية واقتصادية.
الحركة الاسلامية تاريخيا نمت وازدهرت ضمن معادلة توازن بين مصالح الدولة الاردنية ، وخط الجماعة والتزاماتها الداخلية وامتدادها العربي والاسلامي ، والكبار في الجماعة حافظوا دوما على هذه التوازنات ، فكانوا في حالات متشددين اكثر من الدولة في بعض القضايا ، وفي حالات يعرفون ان الظروف مناسبة لكثير من التمددات الداخلية ، ولم تبدأ الخلافات بين المؤسسة الرسمية والجماعة الا بعد اختلال هذا الميزان الدقيق ، واللجوء الى قاعدة المناددة ، مما صنع ردود فعل عديدة قد يكون من بينها ما الت اليه جمعية المركز الاسلامي ، من حال واحوال.
الحركة الاسلامية ، او جماعة الاخوان المسلمين وذراعها السياسي اي حزب جبهة العمل الاسلامي ، مدعوة اليوم لترتيب اوراقها بشكل جيد ، فليس من مصلحة الحركة ان تصبح جماعة ممانعة ، وليس من مصلحة الحكومات ايضا الدخول في مواجهات حادة مع الحركة ووجوهها المختلفة ، وعلى هذا فإن عودة "زكي بني ارشيد" ، محّملة بكل الصور الممكنة ، فقد نكتشف انه مازال على حدته المعروفة ، وسيأخذنا الى مرحلة اسوأ ، وقد يكون عائدا بخبرة ما ، تجعل المواجهة محرّمة وغير واردة ، خصوصا ، ان الداخل الاردني لا يحتمل بخارا فوق "البخار الضاغط" على رؤوسنا وانفاسنا.
غاب الشيخ "زكي بني ارشيد" لفترة ، وهاهو يعود من غيبته ، واذ يتوقع كثيرون مرحلة حساسة وحادة في العلاقة بين الاسلاميين والدولة ، فان المفتاح بيد الشيخ ، الذي بامكانه ترسيم المساحات بشكل جيد ، واراحة اعصابنا من اي مواجهات ، دون ان يعني هذا انه يمتلك قرار المواجهة وحيدا ، اذ لاندّية في النهاية بين المؤسسة العامة واي حزب او جماعة ، ولعله يعفينا مسبقا ، من اي ضجيج مقبل على الطريق ، خصوصا ، في ظل هذه الظروف التي نمر بها.
رجع الشيخ من غيبته ، وعلينا ان نصبر ونقرأ ونتأمل ماستأتي به الايام والليالي.
mtair@addustour.co.jo
الدستور