عمر الدولة الأردنية الحديثة "المملكة الأردنية الهاشمية" حتى الآن , يقترب من 36500 يوم. وهي أيام شهدت شتى أنواع الحياة من مرها وحلوها وصعبها وسهلها، لكنها في المتوسط العام إن جاز الوصف، أيام صعبة تخللها إستعمار فإنتداب وحروب ونكبات وفقر وضنك.
ولهذا, وصف الأردنيون بأنهم شعب جاد حتى في ملامحه وسلوكه, ولهذا بالطبع مبرراته القوية الكثيرة المرتبطة بالموقع الجيوسياسي للأردن وإرتباطه الوثيق بقضية فلسطين من جهة, وتعرضه من جهة ثانية لكثير من المؤامرات وربما الحسد والغيرة أحيانا من بلد صغير محدود الموارد صمد وبنى دولة يشار إليها بالبنان إنجازا وتطورا برغم الفقر وندرة الموارد وهول ما يواجه من مخاطر ونكبات.
السر غير الخفي الذي أدركه الكثيرون وجهله القليلون لصمود الأردن في مواجهة أعتى التحديات, هو وحدة الشعب الأردني ومن كل الفئات ووقوفه الصلب جيشا وأمنا وشعبا وقيادة, صفا واحدا منيعا عصيا على الإختراق من جانب أي كان.
تلك ميزة ميزت الأردن عن كثير كثير من الأقران قريبا وبعيدا, وخابت رهانات كثيرة جدا كان بعضها يترقب وبعضها الآخر يتمنى سقوط الدولة الأردنية وإنهيار كيانها, ومنها أصوات عدوة تتشدق اليوم خاب أملها بإذن الله فتقول "الأردن على كف عفريت", ويعلم أولئك الأعداء بأن كيانهم هم على كف عفريت وليس الأردن بعون الله.
مناسبة هذا الكلام, هو ما يجري من حديث عن إعتصامات يوم غد للتعبير عن الرأي والمطالب في وقت جد صعب وحرج جراء الجائحة اللعينة وقانا الله شرها.
هذا يوم يجب أن يسود فيه وكعادة الأردن الرسمي والأهلي عبر التاريخ, سلام وأمن تامين حيث لا شطط ولا غلو ولا تطرف, وإنما خلق عربي أردني هاشمي حضاري راق عف في القول, سلمي في التصرف, حذر من أية ممارسات شاذة, ومتحوط من أي مندس أو صاحب هوى معاند لحاجة بلدنا الملحة للأمن والسلامة والإستقرار والتماسك والسلم المجتمعي, وهو رأسمالنا منذ نشأنا.
نعم, هو يوم يجب أن تتجلى فيه الحكمة الأردنية المعهودة بإعتبارنا جميعا في مركب واحد سلامته أمانة في أعناقنا جميعا سنسأل عنها يوم الحساب في موقف عظيم بين يدي خالقنا جل في علاه.
بكل صراحة ووضوح تامين, فالأردن مستهدف اليوم كشأنه منذ ولد, وما فينا اليوم يكفينا من أزمات صحية مرعبة وإقتصادية وإجتماعية صعبة, ولهذا, فنحن لا نملك بتاتا ترف إثارة فتنة عمياء لا قدر الله من جانب أي كان, ويجب أن لا يسمح أي منا بذلك على الإطلاق.
هذا زمن أردني إقليمي عربي عالمي يجب ويجب ويجب أن ندرك جميعا شعبا ورسميين ومعا, أنه لا يحتمل نهائيا الذهاب ومن جانبنا كلنا, إلى مزالق الإتهامات والتلاوم والتخوين والإشاعات الهدامة التي قد توردنا إلى المهالك لا سمح الله ولا قدر.
هذا زمن العقل والحكمة والمنطق نذهب فيه معا وبوطنية صادقة وإنتماء أصيل لوطن ما لنا ملجأ بإرادة الله سواه.
هذا زمن تتجلى فيه معادن الرجال الرجال الكبار في فكرهم وتفكيرهم وطرحهم وسماحتهم وأخلاق الفرسان التي كانت وما زالت ولا بد من أن تبقى أبد الدهر سبيلنا في التعبير السلمي الحضاري, والسلوك الراقي في إلتفافنا الصادق المنزه عن كل هوى خاص, حول الأردن وقيادته الهاشمية وسلطاته ومؤسساته وكل ذرة تراب فيه.
خلاصة القول.. الأردن أمانة في أعناق الجميع, والإصلاح الشامل في كل شأن مطلبنا كلنا, ولكن بتعاون الجميع شعبا وحكومة ومؤسسات رسمية وأهلية, كي نرتقي بالوطن وبعون الله , إلى أعلى مراتب التطور والبناء والإصلاح سياسيا إقتصاديا إجتماعيا وفي كل مجال . ونحن بإذن الله قادرون كشأننا وشأن الآباء والأجداد عبر التاريخ كله منذ قامت دولتنا الجليلة .
اخيرا وليس آخرا , هو يوم مطلبي لا بد وأن يكون سلميا تتجلى فيه المودة والتراحم والتعاون والأخوة بين الجميع مدنيين ورسميين , سدا لأية ثغرة قد يحاول النفاذ من خلالها عدو متربص خوان لا يريد بنا وببلدنا خيرا , في وقت يتمدد فيه شر الجائحة بتسارع مرعب . الله إحفظ بلدنا بكل من فيه وما فيه من كل شر يا رب العالمين . اللهم أنت وحدك من وراء قصدي .