كلنا نصرخ، كلنا ننتقد .. ولكن من ينفذ؟
بثينة خريسات
23-03-2021 11:04 AM
تعودنا في مجتمعاتنا الشرقية على الصوت العالي والصراخ والكثير من الثرثرة، فكل انسان يعيش في هذه المنطقة هو بالفطرة غير راضٍ على مايطرح من قبل اية مؤسسة او طرف او حتى على مستوى مجلس عشائري خاص به، والجميع يبدي اعتراضه على كل شيء، من باب حرية الراي والصدق في طرح الاراء وضرورة سماع الراي الاخر.
وهنا ، عن الاردن اتحدث ، لايمكن لاي طرف ان يغض النظر عن اية تساهل بإتخاذ القرارات والتباطئ في تنفيذ تلك القرارات الموجودة في مؤسسات الدولة وحياتنا اليومية، ومن حسن الحظ بان الصحافة والسوشيال ميديا في المملكة اصبحت منبرا لايستهان به حيث بمنشور او تغريدة، تلتفت الحكومة لمشاكل عويصة من الممكن ان يصعب حلها، وهذا هو الايجابي (احياناً) في هذه المنابر التي يراد بها ان تكون كذلك.
في المملكة ومنذ اكثر من اسبوع، تحدث ويتحدث الجميع حول ماحصل في مستشفى السلط، موضوع آلمنا جميعاً حيث ليس من السهل ان ترى أمامك أرواح تموت بكل سهولة
(مع ان لإجل رب العالمين الكلمة الاولى والاخيرة) ، لكن مهنة الطب هي انقاذ مايمكن انقاذه من حياة الناس.
وفي حينها ومن حسن حظنا كأردنيين ان نرى سيدنا من أول الواصلين لمكان الحادثة ليطمئن على الجميع ويثبت بأن هذا
البلد سيبقى صامد والخير يحوم حوله .
ولكن، مايثير السخط في هذا الموضوع، هو كثرة المواقف والاستهجان والانتقادات والتهجم حيث تحول كل رواد السوشيال ميديا فجاة وبين ليلة وضحاها الى : نشطاء في مجال حقوق الانسان ، اطباء واختصاصيين في مجالات شتى من الطب، تحولوا الى وزراء صحة وداخلية ودفاع..
بل وبقدرة قادر كشفت عن اعيننا الغمة لنكتشف كماً مهولاً من العباقرة والخبراء الاستراتيجيين وخبراء التخطيط والطب والهندسة الطبية والتكنلوجيا الطبية قد طفوا على سطح مواقع التواصل الاجتماعي وكل منهم تحدث عما يجول في خاطره حول الأزمة .
ناهيك عن الكم الهائل من الشتائم التي تتصدر ترندات مواقع التواصل والتي تطول كل من يؤيد، وكل من يعترض، وكل من يدافع وكل من ينتقد وكل من يتنفس وكل من يتحدث وكل من يبدي رايه حول أي موضوع فالفكره تكمن فقط بالإنتقاد .
لكنني وفي الوقت ذاته، ذُهلت من كمية الصراخ والثرثرة والفوضى بدون جدوى اي لم يقدم أحدهم مقترح ما للحل
من الممكن ان يفيد الاطراف المعنية....
وفي كل الاحوال فان 80 % من المتحدثين والمعلقين والمنتقدين لايمتون لواقع الموضوع باية صلة ..
كالعادة نغرد بعيد عن السرب وحسب إتجاه رياحنا
وهذا هو واقع الحال.
وفي كل ماقلته، لست ابداً بصدد الدفاع عن الحكومة، بل انني وشاني شان اغلب مواطني المملكة احمل الكثير من الهموم في قلبي ، لكن ماتحدثت عنه كان مثالاً بسيطاً لكثير من المشاكل التي نراها ونشهدها يوميا في البلد، حيث ينتقد الجميع كل شيء ويتحدث عن كل شيء ويثرثر بالحديث عن كل شيء، اما في وقت التنفيذ فلن نجد اكثر من 10% او اقل بكثير من كل من كان يصرخ ولم يعجبه الحال.
نعم، كلنا يصرخ ويثرثر وينتقد، لكننا لانقترح الحل، وان اقترحنا لن نجد انفسنا جادين في مجال التنفيذ، ولانتقدم اصلاً في هذا المجال، وهذا ماسياخذنا وبكل صراحة الى خطر اكثر مما نعيشه الان وخصوصاً ونحن في قمة المواجهة لجائحة كورونا، حيث ينتقد الجميع فرض حظر التجوال وينتقد الجميع رفع الحظر، وينتقد الجميع فتح الاسواق والمحلات والجميع ايضا ينتقد غلقها، ولانني لا اريد ان اكون مختلفة عن خط السير العام، هاقد تحدثت وانتقدت من ينتقد ، وان اقترحت اية حلول فلن اكون الا عرضة لهجوم شرس وغير طبيعي من قبل الثرثارين، لانهم وباختصار، هم الاغلبية ..
الاغلبية الناطقة الصارخة ، وغير مفيدة ...
وفعلا بدها صفنة ...