سجود «الجنجويد» لله بعد تحرير الاقصى
ماهر ابو طير
16-06-2007 03:00 AM
جنجويد في غزة صلوا امس الاول شكرا لله عند دخولهم لاحد مقار الامن الوقائي الفلسطيني ، وقد حسبتهم للوهلة الاولى يصلون شكرا لله لانهم حرروا المسجد الاقصى ، او مسجد قبة الصخرة ، سجدوا لله ، والله عز وجل غاضب ربما عليهم جميعا من حماس وفتح على حد سواء.
مشهد مقاتلي حماس وهم يصلون لله شكرا على اجتياح مقر امني فلسطيني والذي بثته الفضائيات عشرة الاف مرة ، اثارني بشدة ، فهل تم تحرير المسجد الاقصى او ان الدولة الفلسطينية قامت او ان الاسرى تم تحريرهم ، لست اعرف لماذا سجدوا شكرا ، هل لاننا في حرب اهلية جديدة ، ام لاننا نقتل بعضنا البعض نيابة عن اسرائيل ، ام لاننا نقتص من محمد دحلان والفتحاويين ، باعتبار ان هذا هو سقف امنياتنا اليوم.
لو بقيت حماس بعيدة عن الحكم والسلطة وبقيت فصيلا مناضلا سريا ، لكان اشرف لها الف مرة ، الا انها من حيث تعلم او لا تعلم ، دخلت في لعبة الحكم وكانت سببا في تشويه رصيد وسمعة كل الحركات الاسلامية ومشروعية الاستشهاد ، حتى اهالي الشهداء يسألون اليوم ، ألهذا قدموا اولادهم شهداء في فلسطين ، هل قدموهم من اجل ان يصبحوا لاحقا مجرد وقود في الحرب الاهلية ، على الرغم من ان الشهيد يبعث على نيته بطبيعة الحال ، هل تعرف حماس حجم التلطيخ وتشويه سمعة الشعب الفلسطيني في كل مكان ، هل تعرف حماس انها وفتح لم ترحما هذا الشعب ، ولعلنا نعترف اليوم بأن هؤلاء هم ذاتهم تلاميذ لقادة التنظيمات التي تسببت بأحداث ايلول في الاردن ، ثم نقلوا ثقافة العنترة والفوضى معهم الى لبنان ، وحين فرخت اجيال المناضلين الجدد بعد انشاء السلطة الوطنية ، اعادوا استنساخ تجارب الفوضى والاقتتال.
مشهد الجنجويد وهم يسجدون لله مشهد محزن ومؤسف ولا تكفي معه كل التفسيرات عبر الحديث عن مؤامرة صهيونية ، وعن تواطؤ بين فتح واسرائيل ، وغير ذلك من تفسيرات ، لا تصمد كلها امام قبول حماس للتورط في هذا المشهد ، فلماذا تقبل حماس اصلا ان تتورط وتتحول الى طرف في حرب اهلية فلسطينية ، ولماذا تتحول الى "مضرب مثل" في تشويه سمعة الحركات الاسلامية والاستشهادية ، لتفرط حماس نفسها برصيدها ، فالذي قد تفعله فتح مفهوم تاريخيا ، لكننا لم نفهم ان تتحول حماس الى ذات الانموذج واسوأ ربما. صليتم لله شكرا ام لم تصلوا ، فقد آذيتم سمعة الاسلام وسمعة الشعب الفلسطيني ، ومشروعية الاستشهاد في العالم العربي ، وضربتم مثلا سيئا جدا حول اي حركة اسلامية قد تصل الى السلطة ، فالله عز وجل وفي احاديث كثيرة يقر حقيقة قدسية حياة الانسان وان هدم الكعبة الف مرة اهون على الله من قتل انسان ، فما بالنا بمئات الضحايا على يد حماس وفتح ، ومن اسهل الاشياء الحديث عن وجود "مؤامرة" واخشى ان نكون نحن المتآمرين الاساس على ديننا وقضيتنا.
سامحينا يا فلسطين ، فنحن براء من كل هؤلاء ، براء من حماس وفتح ومن كل من يرفع السلاح في وجه اخيه ، براء من القتلة والعملاء والجواسيس ، ومن اعتبر عدوه هو ابن شعبه ، ومن قتل مسلما باسم الدين او التنظيم ، براء من كل هذه التنظيمات ، التي امست سببا في مصيبة الشعب الفلسطيني ، وقد كان المرء يتمنى من حركة مثل "حماس" لها رصيدها الوطني والديني في العالم العربي والاسلامي ، لو انسحبت من هذا المستنقع ، فاذا بها تصبح شريكا في تدمير المشروع الفلسطيني بل وتدمير مشروعية وسمعة الحركات الاسلامية ، متحولة بذلك الى سهم قاتل.