53 عاما على معركة الكرامة الخالدة ولم تغب عن ذاكرة الأردني والفلسطيني والعربي.. فهي النصر الأول على العدو الإسرائيلي بعد الهزائم المريرة في الكثير من المعارك مع هذا المحتل الغاشم.. فهي النصر الأول الذي يثبت أن العربي عندما يمتلك قراره، فلن يغيب النصر عن عيونه، فهو يمتلك الإرادة والتصميم والتضحية والتكتيك العسكري.
فهذه المعركة الخالدة في قلوينا وعقولنا ومصدر فخرنا كأردنيين وفلسطينيين وعرب أنها جاءت لتمحي "اسطورة الجيش الذي لايهزم" وتفوق "العسكري الصهيوني"، وتؤكد أن الخسائر والهزائم التي لحقت بنا في معاركنا مع هذا العدو سببها الأول غياب القرار السياسي، رغم التفوق الصهيوني بالمعدات والآليات والطيران والتدريب.
لايمكن لمعركة النصر الأول أن تغيب عن ذاكرة الأردني، فجيشه العربي رغم الامكانيات المحدودة، حقق نصرا باهرا على هذا العدو، وتمكن من دحره، ولذلك، فإن هذا النصر يحتفل به سنويا رسميا وشعيا، ما يؤكد أن الأردني المنتمي لأمته قولا وفعلا لايزال وسيقى يعتبر ألكيان الإسرائيلي الاستيطاني العدو الأول له فهو الذي احتل الأرض العربية وشرد شعبا عربيا، ولن يقبل الأردني بغير هذه الحقيقية على الرغم من أي اتفاقيات عقدتها الحكومات العربية معه.
هذا العام احتفلنا بهذا النصر، وكان لافتا حجم المحتوى الذي تم نشره وتبادله على مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص هذه المعركة الخالدة.. شباب بعمر الورد يعبرون عن مشاعر الفخر بهذا النصر العظيم الذي صنعه الجندي الأردني الذي وضع صوب عينه منع المعتدي من تحقيق أي تقدم أو نصر مهما كان صغيرا، ولذلك كان الإصرار على عدم وقف المعركة رغم التضحيات والدماء الزكية التي سالت إلا بانحساب القوات المعتدية كاملا من الأرض الأردنية التي كانت اقتحمتها في بداية المعركة.
يفتخر الشاب الأردني اليوم، بالبطولات التي صنعها الجندي الأردني بتلاحمه مع أبناء شعبه الأبطال والمقاومة الفلسطينية على أرض الكرامة المجيدة، بالرغم من أنه لم يكن شاهدا عليها، ولكنه قرأ وسمع عنها.. وومازالت ذكراها عابقة في ذهنه سيما أنها بطولات حدثت في معركة مع عدو الأردن الأول.
قرأنا الكثير من التغريدات والتعليقات التي تمجد الجندي الأردني الذي شارك في معركة الكرامة، فهو شارك بصنع نصر تاريخي خلد للأبد في ذاكرة الأردن والأردنيين وفلسطين والعرب.
من الجميل، تبادل مشاعر الفخر، فالجندي الأردني الذي خاض المعركة الخالدة كان يمثل كل المحافظات الأردنية.. وهذا الأمر تثبته مراجعة بسيطة لاسماء الشهداء الذين ارتقوا للعلا في تلك المعركة، فهم من كل المحافظات والعشائر الأردنية.
وللدلالة على التلاحم الأردني الفلسطيني التاريخي، فقد كان من شهداء الجيش الأردني جنوده من الضفة الغربية، فقد مضى أقل من عام على احتلال الضفة الغربية التي كان الكثير من ابنائها يخدمون في الجيش العربي، وقاتلوا ببطولة مثلهم مثل باقي رفاق السلاح.
لايمكن أن نفصم عرى العلاقة الأردنية الفلسطينية التي تضمخت بالدم والبطولة والتضحية والمحبة وعلاقات القربى.. فالجندي الأردني الذي خاض معرة الكرامة كان يدافع عن وطنه الأردن، ولكنه في الوقت ذاته كان يدافع عن وطنه فلسطين، وقد دفع في معاركه التاريخية من أجل فلسطين والقدس الكثير من الدماء الزكية التي لازالت حتى اللحظة وستبقى تنير لنا الدرب وتضعنا دائما على الطريق الصحيح.. فالعدو واحد والأرض أرضنا العربية الطاهرة المضمخة بدماء الشهداء والجرحى.