واجه الأردن ومنذ نشأتِه سيلاً من التحدياتِ الكبيرةِ القادرةِ على تغيير مسار أعظم الدولِ والمنظومات إلا أن الأردن استمر طوداً عظيماً ثابتاً لا تثنيه الملمات عن تحقيق المهمات وهُنا كان الفضل بعد الله إلى الإرادة العظيمة لأبنائه والقيادة الحكيمة التي رسخت أسس العدل والمساواة فكان الطموح بالإنجاز يكلله الوضوح بالمسار.
إن ما يمر اليوم بالوطن يعتبر من أعظم التحدياتِ الجدية التي باتت تثير القلق والتوجس من صعوبة هذا المأزق القوي والمنعطف الحاد الذي وجد جراء تداعيات الوباء العالمي (كوفيد -19) الذي بات بتحوره وتغير سلالاته يفرض على العالم لغة المجابهة فاستشرت مخالبه لتطال أرواح الملايين حول العالم الذي رافقه انهيارات اقتصادية تقدر بمئات المليارات فأصبح الموت من أمام العالم والجوع والفقر والبطالة من خلفه فباتت الدول بين المطرقة والسندان.
استطاع الأردن الإمساك بزمام الأمورِ في بداية المعركة الضروس ضد هذا الوباء بفضل قيادته الحكيمة والشعور بالمسؤولية من أفراد المجتمع وسيل الإجراءات الحكومية فكان التناغم بين ثلاثية عناصر المجابهة الضامن للحد من انتشار هذا الفيروس إلا أننا وفي هذه الفترة فقدنا السيطرة على مستويات الإنتشار فباتت أرقام الإصابات مرعبة وأرقام الوفيات محزنة لا سيما بأننا قد تجاوزنا حاجز التسعة آلاف إصابة بيوم واحد وهنا لا بد أن نعي الضغط الاقتصادي والصحي المرافق لهذه الأرقام خصوصاً وأن بعض الهمم بدأت بالفتور حتى أننا بتنا نشهد اخطاء جسيمة لا يمكن قبولها بأي شكل من الأشكال فكان ما حدث بالسلط أكبر شاهد على ذلك فكانت أرواحُ الأبرياء ثمن الخطأ وكانت موجةُ الغضب نتيجة هذا التقصير الواضح.
هناك وعلى مدخلِ مستشفى الحسين (مستشفى السلط الحكومي) كان من أول الواصلين جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين (ببزته العسكريةِ) وملامحه المتقدة من الغضب التي تترجم الحرص الكبير على حياة كل مواطن أردني وأن معادلة الخطأ والصواب لا تصل إلى مرحلة العبث بالحياة فبات وكأنه والداً أو اخاً أو ابناً لكل ضحية ليرفض كل التبريرات أو المسوغات لهذا الخطأ الجسيم فكان الحديث واضحاً واللغة حاسمة بأن حياة المواطن وكرامته خطاً أحمر.
هناك وعلى مدخل المستشفى وقف جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين بين المواطنين يشاطرهم الألم والحزن والغضب يستمع لهم ويستمعون له بلا حارس أو حاجب لتتأتى مجموعة من القرارات الحاسمة بهذا الاتجاه والتي تصب باتجاه تحقيق العدالة وإطلاق عنان المحاسبة لكل مقصر.
هناك وبالجانبِ الآخر بدأت تشحذ سكاكين الفتنة وبدأ يدس السم بالدسم ليظهر المغردون خارج السربِ محاولين أن يركبوا الموجةَ متذرعين بحرصِهم على الوطن لتحقيق مآربهم المشبوهة التي ما كانت يوماً مع الوطن فكان التحريض إلى كسر أوامر الدفاع والتجمع بالميادين العامة الذي ساهم بأنتشار العدوى وخلق حالة من الفوضى تشكل تحد آخر يعصف بالنسيج الوطني فما كان المقام مناسباً للمقال فكما كان محاسبة المقصرين واجباً فإن الإلتزام بسلامة الوطن واجب وإننا إذ نشاهد بعض المتسلقين يتهافتون إلى مدينة السلط لتأجيج الموقف فإن السلط عصيةً على أمثالهم فما كان طموحهم إلا خلق بيئة متقدة تقود إلى حتمية المجابهة بين نشامى الأمن العام من جانب وأبناء السلط من جانب آخر وتصدير هذه الفوضى المفتعلة إلى باقي محافظات المملكة وهنا تقول السلط (لن تتغير قلوب الرجال حتى لو تغيرت مواقع الجبال)..
فمصلحة الوطن فوق الجميعِ ولن نحمله ما لا يستطيع وأن حق الأبرياء لن يضيع لكننا لن نسمح بأن تصفى الحسابات على حساب المواطن فنحن في حالة حرب ضد الوباء وأن من يحاول أن يعبر من الأبواب المغلقة ما هو إلا صاحب فتنة أضاف إلى الوباء وبالاً, مؤكدين هنا على وجوب ان نكون مع الوطن لا عليه.
الرأي