الشر وقانا الله إياه يبدأ بشرارة لا تلبث أن تكبر حتى تأكل الأخضر واليابس , ولهذا فقد أسموها شرارة , ولهذا قال حكماؤنا الأردنيون رجال المواقف عند الشدائد والذين فقدنا الكثيرين منهم ولسوء الحظ , الشر يبدأ بشرارة , وذلك في معرض تحذيرهم الحكيم من إيقاد شرارة في لحظة غضب قد يصعب السيطرة عليها وإخمادها قبل أن تحدث شرا مستطيرا لا يمكن لأحد التنبؤ بمآلاته المؤلمة .
مناسبة هذا الكلام , هي ما يشهده بلدنا حاليا من تطورات وأحداث تتصل بكارثة " كورونا " ومخاطرها الشديدة من جهة , بالتزامن مع إحتجاجات شعبية على الواقع العام السائد في المملكة من جهة ثانية , وشبه غياب لرجال الدولة والرموز الوطنية " إن جاز الوصف " عن التدخل وإبداء رأي أو طرح حلول وتهدئة خواطر, في ظرف وطني وإقليمي جد خطير ومرعب ودقيق وحساس قلما شهد الأردن له مثيلا من قبل وبالذات على صعيد الجائحة.
لا أدري , إذا لم يجد الأردن رجاله الصامتين الآن فمتى يجدهم إذن ! , وإذا لم نتراحم ونتكافل ونتضامن في مواجهة الشر الذي يتهددنا جميعا فمتى نفعل إذن ! . هل فقط نصحو ونتكلم ونحلل وننظر عند ظهور إشاعات أو معلومات عن تشكيل أو تعديل حكومات أو مجالس عل المغنم يقترب منا مثلا ودون ذلك كفى الله المؤمنين القتال.
الأثرياء الأردنيون ومن كل المشارب , قادرون على تسخير جزء يسير من أموالهم وكلها من خير الأردن , في دعم المجهود الطبي لمواجهة الكارثة , ومد أيدي العون لفقراء الوطن وما أكثرهم في هذا الزمن المر , ولماذا لا يبادر واحد منهم على الأقل , بإستثارة وطنية الآخرين لتأسيس صندوق دائم للمساهمة في إنقاذ عيش الملايين من الفقراء الذين أذلهم الفقر وشظف العيش وضيق ذات اليد !.
الرجال والنساء الذين تقلدوا أرفع المناصب وحكمونا طويلا ونالوا من النفوذ وسعادة المغانم والمناصب الكثير الكثير , أين هم اليوم ؟ , لماذا يصمتون صمت القبور ولا يتحدثون ويتحاورون مع الشباب المحتجين الناقمين على حياتهم بلا عمل ولا مورد عيش ! , لماذا لا يلتقون مع الحكومة ومراكز القرار ويقدمون النصيحة والخبرة والفكرة والحلول إن إمتلكوها ! , وهل هم سعداء بالفرجة على بلد يعاني الأمرين وسط إقليم مضطرب تطل فيه عيون الذئاب والوحوش الكواسر من كل حدب وصوب !
حزين يا أردن فعلا , فأنت ومن يومك , وحدك , كخبز الشعير مأكول مذموم , ويبدو أن ملحك عذب , تنهشك كورونا وليس لك من معين من أهلك سوى الله جل في علاه , فأنت في شريعة الكثيرين من أثريائك تعطي ومحرم عليك أن تأخذ ولا حول ولا قوة إلا بالله.
كثير يمكن أن يقال , وصدق من قال " اللي يستحي من إبنة عمه ما تجيب منه عيال " . خلاصة القول .. الشر من شرارة والأردن في خطر . الله تبارك وتعالى من وراء قصدي .