لم تكد تمر موجة مشاعر الجماهير الشعبية الغاضبة على فاجعة مستشفى السلط الحكومي الأليمة ، دون ركوبٍ ممن يسمون أنفسهم مُعارضة خارجية و بعض الحراكيين بالداخل المُنساقين خلفهم، موجهين دعواتٍ غير مسؤولةٍ من -أماكن عزلهم- تحرض المواطنين على الخروج الى الشارع ، في وقت تشهد به المملكة الاردنية الهاشمية موجة ضارية من فايروس كورونا ، رفعت نسبة الإشغال في القطاع الصحي إلى نِسَبٍ مُرعِبة .
يمُر الأُردن بمرحلةٍ صعبة عناصر الإحباط بها عديدة، يتقدمها الهم المعيشي و الأزمة الاقتصادية ، وازدياد نسب البطالة، و انهيار الثقة بين المواطنين وأجهزة الدولة، و الإدارة العامة المُترهلة، التي تبين عِظم حجم ترُهلها في حادثة مستشفى السلط الحكومي الأليمة، والتي شكلت صدمة للمتابعين وأشارت الى وجود ميوعة بالادارة العامة، مرَدُها اختلال منظومة التعيين الوظيفي، ونقص الموارد البشرية في بعض القطاعات الحيوية، إضافةً إلى اختلال أسس التقييم والثواب والعقاب في الجهاز الإداري في الدولة، لا يجوز أن يؤدي هذا التشخيص إلى إنكار جدية الدولة في التعامل مع الواقعة، وتحمل المسؤولية القانونية من خلال المساءلة القضائية و المسؤولية الادبية السياسية من خلال استقالة وزير الصحة نتيجة الحدث الجلل ، و التي جاءت بتوجيهات ملكية ، تزامنت مع الزيارة الملكية المباشرة لمستشفى السلط الحكومي ، كما لا يمكن لهذا التشخيص ان يكون موضوعي دون تفحص ظرف الاردن السياسي والاقتصادي.
لقد عانى الاردن من سلسلة الاحداث السياسية المتعاقبة على المنطقة ، فجوارة الملتهب بالحروب أدّى الى تعطيل عملياته الاقتصادية الطبيعية ، مما اضعف الاقتصاد الاردني ، و حد من إمكانية التطوير الاداري ، و رفع كفاءة المؤسسات الخدماتية التي زادت شريحة المستفيدين منها زيادة مضطربة بسبب حركات اللجوء و النزوح التي استقبلها الاردن ،و القت الاحداث السياسية على المنطقة بضلالها على الوضع السياسي للاردن ، حيث أدى إنشغال الاشقاء العرب بهمومهم المحلية الى اضعاف جدار الإسناد العربي للأردن.
في وجه هذه الظروف المدلهمة يجدر بالقوى الوطنية ان تنحي خلافاتها و اختلافاتها جانبا ، و ان تقدم الدعم و الإسناد لمؤسسات الدولة ، و تعض على مصالح الوطن بالنواجذ ، تعرف قدرته فلا تحمله اكبر منها ، تنبذ كل دعوة و خطاب لا ينطلق من النقد الجاد الموضوعي المُقدم للحلول ، و تنبذ كل خطاب لا يراعي مصالح المواطن الصحية ، و ينبغى ان تدرك ان هنالك قوى تركب موجة الغضب الجماهيري المحق للنيل من الوطن و نشر الفوضى .