أليس غريبا ومريبا هذا التكتم الذي تمارسه وزارة العدل على قانون النيابة العامة الجديد ؟
لقد نوقش مشروع القانون وتم أقراره من قبل مجلس الوزراء ولم يطلع عليه حتى أعضاء المجلس القضائي ربما باستثناء عدد محدود جدا بعد أقراره من الحكومة , كما لم تتح الفرصة أمام رجال القانون للإطلاع عليه وأبداء الرأي , وحتى الان تمارس الوزارة التكتم الى أن تصدر الارادة الملكية بالمصادقة عليه ونشره في الجريدة الرسمية حيث لاتجدي بعدها مناقشة ولا حوار !!
ان هناك من لايريد أن تصل أية أنتقادات للقانون الى صاحب الامر الاول ولاخير
والسبب واضح من خلال مادة أو مادتين في القانون كفيلتان باحداث معارضة شديدة للقانون , فالاولى منهما تجزأ السلطة القضائية لتصبح سلطة بعدة رؤوس لاسلطة لأي منها على الاخر , والثانية تضع النيابة العامة بيد وزير العدل و أي بيد الحكومات وبالنتيجة بيد رجال الاعمال وكبار المستثمرين .
فقد جاء النص على أن يتبع المدعون العامون ورجال النيابة العامة أوامر رؤسائهم الادارية وأوامر وزير العدل فيما يتعلق بتحريك ( دعاوى الحق العام وتعقبها ) وبهذا ستصبح النيابة العامة بيد وزير العدل وله وحده أن يستثني فلانا من التحقيق وأن يأمر بالتحقيق مع غيره , أن يحيل فلانا الى المحاكمة وأن يترك غيره , ولأن المحاكم في القضايا الجزائية المحالة من المدعي العام مقيدة بما يحيله اليها المدعي العام الممتثل بدوره لأوامر وزير العدل فان قانون النيابة العامة هذا قد دق مسمارا كبيرا في نعش أستقلال القضاء .
كل ما يجري من تعديلات تتعلق بالتشريعات القضائية يوسع من صلاحيات وزير العدل بصورة خطيرة تكاد تودي باستقلال القضاء ولا نرى نتيجة لذلك سوى أحكام القوى الليبرالية وقوى الاستثمار والبزنس قبضتها على مستقبل القضاء الاردني .
لقد سطر الهاشميون بحروف من ذهب عنايتهم الفائقة وحرصهم على أستقلال القضاء ومركزية الاشراف عليه وقيادته بمنأى عن الحكومات ووزارء العدل بالذات , ومن هنا فاننا نناشد جلالة الملك أن يأمر بطرح مشروع قانون النيابة العامة للحوار وأبداء الرأي بين أهل الاختصاص من كبار رجال القضاء ورؤساء المجلس القضائي السابقين قبل وسمه بالارادة الملكية السامية .