«حرائق» لجنة مقاومة التطبيع
ماهر ابو طير
06-05-2010 04:23 AM
لجنة مقاومة التطبيع غاضبة من استيراد الفواكه والخضروات من اسرائيل ، وستقيم مهرجاناً وطنياً منتصف الشهر الجاري للتعبير عن غضبهم وغضبنا.
لجنة مقاومة التطبيع مقدّرة وتستحق الدعم ، فخطها على خط الاغلبية الساحقة من شعبنا ، وهي تقوم بجهد عظيم ، لا يمكن انكاره او التقليل من شأنه ، غير ان ما لفت انتباهي هو عزم اللجنة حرق "الكراتين" التي تحمل الخضار والفواكه الاسرائيلية الى الاردن ، للتعبير عن رفضهم ، لهذه التجارة النجسة ، ولست اعرف هل حرق "الكراتين" في عمان ، امر مبدع ، من حيث كونه اداة تعبير مناسبة ، وهل الخطابة في المهرجان كافية لوقف التدفق التجاري ، ام هناك وسائل اكثر جدوى.
مقاومة التطبيع مع اسرائيل ، لا تكون بتلويث الجو في عمان ، ولا تسميم البيئة بنتائج الحريق من مواد كرتونية وبلاستيكية ، سيتم حرقها ، وسوف يستنشقها مقاومو التطبيع اولا ، على قلة اثر هذا "الحريق الصغير" على البيئة في الاردن ، وما نريده هو الخروج من "الرمزيات" الى العمل الفعلي الجاد ، عبر اتخاذ اجراءات عملية ضد التطبيع مع اسرائيل ، التي تريد تخريب المنطقة ، بكل الوسائل ، ولا احد يضمن حتى نوعية الفواكه والخضار المرسلة ، ولا شحنات السمك الاسرائيلي ، التي تدخل الاردن ، ولا نوعيات الاسمدة ، وبعض انواع المواد الطبية ومواد اخرى.
نريد من لجنة مقاومة التطبيع ان تعلن بجرأة اسماء المستوردين والمُصّدرين ، والمتعاملين مع اسرائيل ، ونريد للجنة ان تنشئ موقعا الكترونيا لنشر هذه المعلومات ، وان يتم تأسيس "شبكة وطنية" كبرى لمقاومة التطبيع وتزويد اللجنة بأي اسماء او معلومات ، بالاضافة الى اتخاذ اجراءات تصل الى حد رفع دعاوى قضائية على من يديرون هكذا اعمال ، لها نتائج وخيمة على اقتصاد البلد ، ومبدأ من فيه ، بالاضافة الى ان اي عوارض صحية لهكذا مستوردات ، قد لا تتضح في عام او عامين.
لا يكفي ابدا وضع اشارة على المنتج بأنه اسرائيلي ، لترك الخيار للمواطن بالشراء او عدم الشراء ، فأغلب الناس تشتري دون ان تنظر الى اي شيء سوى سعر المادة المعروضة للبيع ، فأي اخلاق هي تسمح للبعض ببيع شرفه وشرف الامة وكبريائها ودماء الشهداء والجرحى ، مقابل تحصيل بضعة الاف من المال الحرام ، لخضار وفواكه مزروعة في الاغوار المحتلة ، او الكيبوتسات ، او اي مكان اخر في فلسطين ، وهم كمن يسقون اولادهم دم الشهداء والجرحى ، ثم ايهما الاولى الاتجار والتصدير والاستيراد ، مع الدول العربية والاسلامية ، ام مع اسرائيل ، ولماذا يقبل الباعة الفرعيون اساسا شراء منتجات اسرائيلية ، وعرضها في متاجرهم.
ثم ، اين الحكم الديني والشرعي فيمن يتاجر مع العدو ، فهل يبقى على ملته ودينه ، ام يخرج عن الملة والدين ، ولماذا يسكت علماء الدين عن هكذا معركة يتوجب ابراز الحكم الديني الواضح بحق من يتاجر مع العدو ، وبحق ما يفعله ، ضد هذه الامة ووجعها ودمها المهدور في كل مكان ، من فلسطين الى لبنان والعراق ، وكل مكان اخر.
مقاومة التطبيع لا تكون بحرق الكراتين في عمان ، ولا تلويث بيئتها ، فاسرائيل لا تهمها الحرائق ، لانها اشعلت الحريق الاكبر منذ ستين عاما وما زال مشتعلا.
mtair@addustour.com.jo
الدستور