التظاهر بين الحق والمحظور
د. حازم قشوع
18-03-2021 12:10 AM
من حق الاردنيين التظاهر والتعبير، ومن حق الاردنيين ابداء الرأي وحتى طلب التغيير، ومن حق الاردنيين ايضا المطالبة بالاصلاح وتصحيح المسار فان كل ما تقدم كان قد كفله الدستور واقرته القوانين، لكن يجب ان يكون مفهوما للجميع ان هذا يعتبر من المحظورات في ظل الظروف الوبائية، لان ممارسة هذا الحق بالطريقة الوجاهية سيعرض حياتهم وحياة الآخرين للخطر والموت، فان اعداد الاصابات بتزايد مضطرد ولم تستطع الحكومة بعد بكل اجهزتها من حوصلة انتشار هذا الوباء وذلك لعدم التقيد اللازم باجراءات السلامة اولا، وعدم وصول اعداد المطاعيم اللازمة للحد من انتشاره وللحيلولة دون الوصول المصابين بهذه الاعداد للمستشفيات الوبائية وحتى العادية والتي وصلت الى ذروتها الاستيعابية، وهذا ما يشكل خطرا حقيقيا على المجتمع ويهدد مناخات السلامة العامة فيه.
وكما يجب ان يعلم الجميع ان ممارسة اشكال التظاهر بهذه الطريقة سيعمل على ارباك المشهد العام وسيخلق حالة من الفوضى الوبائية والاجتماعية، فالوباء يشكل تهديدا حقيقيا وليس ادعاء يراد اسقاطه لتمرير حالة او تنفيذ سياسة فالموضوع خطير ويستدعي الانتباه والالتزام حتى تعود الحياة الى طبيعتها وعندها يمكن للجميع التعبير وإبداء الرأي بالطريقة التي يريدونها او يرونها مناسبة، فان حرية التعبير مصانة وستبقى مصانة بكفالة الدستور وضمانة سيد البلاد وهو الحريص على حرية التعبير والضمان لاطار الدستور.
وهذا ما يجب علينا جميعا الاقرار به وبمناخاته، فان حرية التعبير لم تتوقف حتى زمن الربيع العربي بل وتم استثمار مناخاتها لتنفيذ سلسلة من الإصلاحات طالت ثلثي الدستور، وهذا ما يجعلنا واثقين كل الثقة بأن حرية التعبير مصانة لكن مسألة الالتزام بقواعد السلامة الصحية تعتبر في وسط المناخات الوبائية اولوية قصوى تقتضيها سلامة المواطن وسلامة الاهل والمجتمع في ظل المواجهة الشرسة التي يواجهها الجيش الابيض ضد هذا العدو الخفي الذي مازال يتربص بنا بل ويرهق من حركة المجتمع ويعرقل عودة الحياة الى طبيعتها.
فمسألة الحراك والتظاهر وسط هذه المناخات تعتبر كمن يصب الزيت على النار فتهش حياة الجميع وتغرق السفينة التي توقفت محركاتها نتيجة حالة الركود التي اصابت حركة المواطن وحركة المجتمع وهذا ما قد يجعل من ميزان حركة المجتمع ينحدر من مكانة الركود الى منزلق الجمود فتكون النتيجة بدلا من اصلاح البيت هدمه، وهذا لا يرضاه احد ولا يقبله احد.
ولعلنا بحاجة في هذه المرحلة الى حركة اجتماعية نشطة تقوم على التوعية والإصلاح تبين المسار وتجلي صورة في المشهد العام الذي اخذت صورته تصور عبر احاديث قريا وتزج في غير محل، وتجعل الصورة ترسم في زاوية مظلمة ويستنبط منها انطباعات غير صحيحة بل ومجحفة بحق الحقيقة والمعنى المراد تحقيقه وحتى الكامن منها والمستهدف التي تسعى للحفاظ على مكانة الدور والرسالة وتقديم النموذج الاردني لذاته عبر الاستفادة من المتغيرات الجيوسياسية القادمة، وهذا ما يجب ان يبين ويوضح لغاية رؤية الصورة بواقعية بالشكل والمضمون الحقيقي.
(الدستور)