مضت أيام على كارثة انقطاع الاوكسجين عن مرضى مستشفى السلط الجديد.
ربما كانت من أصعب الساعات التي مرت على البلاد، قيادة وشعباً، اربكت مؤسسات وأجهزة حكومية وأمنية، وربما تطاول القطاعات كافة.
كارثة نقص الأوكسجين، عرت ما خفي من النظم الإدارية البيروقراطية التي ما زالت بعيدة تماماً عن الرؤية الملكية الهاشمية في الصحة، صحة المواطن والمنظومة الصحية، بكل قدرتها واختلاف مصادر تمويلها وأعمالها، تحديداً في القطاع الصحي الحكومي، والمشترك، والاستثمارات في الشركات الداعمة والمساعدة للقطاعات الصحية كالمختبرات ومراكز العلاج الطبيعي، والشركات المساندة للخدمات والغازات والمستهلكات الطبية ومواد وأجهزة التزويد الصحي وأيضاً الصناعات الدوائية والغذائية وصناعات الكمامات والمحاليل وكل هذا العالم الخفي، الذي يمتلك شبكة علاقات اقتصادية تمويلها بنوك وأفراد ودول، واستثمارات متباينة، يحدث ذلك والأردن، تواجه تداعيات تفشي جائحة فيروس كورونا وهو التفشي الأخطر منذ ظهور الوباء قبل 14 شهراً، وكانت فيه، قطاعات الصحة، جيشاً من الجيوش الحقيقية التي، ما زالت تدافع عن صحة الناس والبلد من الوباء وآثاره الصحية الخطيرة قطعاً.
عندما وصل الملك، أرض السلط، حيث مسرح الكارثة، حمل جلالته إصراراً وتحدياً، وخوفاً على صحة وأوضاع المواطنين، في ظل التداعيات المتلاحقة، التي زادت قوة وإرادة الملك في إدارة الازمة بذكاء وروية، وضع جلالته لها الاطر التي تمنح صانع القرار العمل بحرية وعدالة ويقين بأننا على قدر المسؤولية أمام الله والناس، والعالم الذي يراقبنا ويثق بقيادتنا الهاشمية.
هل كانت أجهزة ودوائر وقيادات وزارة الصحة، بما ميز نشاطاتها، على قدر من الشفافية والولاء، بمعنى أنها لم تقصر في مجال عملها الصحي المقدس، ولم تمارس أعمالها بطرق «غير مهنية وتحريضية»، ما انعكس على ترهل الكوادر، ولن نقول تعبها، فقد كان بيد وزراء الحكومة صلاحيات فوضها جلالته، ليكونوا على أهبة العمل بسرعة، فأرواح الناس، أمانة صعبة، إلا أن الإهمال، فاق التوقعات، وتجاوز التحليل، إلى إدانة بيروقراطية قاتلة أدت إلى كارثة بحجم وفيات لم يكن ذنبها إلا أنها نامت على أسرة المرض، ثقتها بالاطلاع، مقرونة بالانتماء، والأمن والأمان، الذي يبديه المواطن، عندما يضطر إلى التعامل مع المستشفيات الحكومية، لأن الخيارات، مع انهيار منظومة التأمينات الصحية، حكومياً، وحتى في القطاع الخاص، الذي يضع معادلات أهمها أن «المال يساوي الصحة»، لتتوه كل القيم والتوجيهات والإرادات في ريح السموم وذل المرض، فالموت.
شخصياً لا تعجبني انتقائية عشرات النظم الصحية والتأمينات، وعدم قدرة الجهاز التنفيذي، على لملمة غرائب وعجائب القوانين والتعليمات، التي جعلت القطاع الصحي الأردني، قطاع مؤسسات ومبانٍ وخواء في منظومة الرعاية، مع استفحال للقطاع الخاص، واتكالية وحراك وفساد، إهدر المال العام، ووضع البلاد أمام خسارة مذهلة في سمعة الأردن، كنقطة مهمة في السياحة الطبية، التي كان يرجى منها، وهي المهتمة بشؤون المرضى العرب والأجانب، أكثر من أي قطاع اخر، لكن من الذي يحدد الاطر بعد كارثة السلط، بحيث نقرأ في دفتر «المهنية»، وكيف تقاس ردود الأفعال المختلفة في المجتمع حول تبعات وتداعيات ما بعد كارثة مستشفى السلط، وعملياً، أعتقد أن علينا، ان نقف ونعزز إرادتنا الوطنية يداً بيد مع الملك عبدالله الثاني. يفترض أننا، في دولة اردنية، نموذج يفترض أن يحقق ازدهاراً وتنمو قدراته، يداً بيد مع إرادة صلبة لملك لا يهدأ في صون المنجز واستشراف المستقبل ورسم السياسات ودعم الأعمال. للتذكير، وفق التوجيهات الملكية السامية تم إعداد رؤية الأردن 2025، لترسم طريقاً للمستقبل وتحدد الإطار العام المتكامل الذي سيحكم السياسات الاقتصادية والاجتماعية القائمة على إتاحة الفرص للجميع. ومن مبادئها الأساسية تعزيز سيادة القانون، وتكافؤ الفرص، وزيادة التشاركية في صياغة السياسات، وتحقيق الاستدامة المالية وتقوية المؤسسات. ولكي يتحقق ذلك، لا بد من رفع مستوى البنية التحتية، ورفع سوية التعليم والصحة، بالإضافة إلى تعزيز دور القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني للمساهمة في العملية التنموية.
(الرأي)