وزارة الزراعة والأمن الغذائي
د. كميل موسى فرام
17-03-2021 11:58 PM
الأردن بلد زراعي بالدرجة الأولى يعتمد على مياه الأمطار، وقد ساعدته تضاريسه الطبوغرافية المتنوعة، على جعله سلة غذائية مستديمة العطاء على مدار العام، وهي كفيلة بتحقيق الاكتفاء الذاتي للاستهلاك المحلي بعد سلسلة من الجهود الحكومية لتوفير المياه الضرورية للزراعة المساعدة والاستخدام المنزلي، ووزارة الزراعة كوزارة سيادية مسؤولة عن توفير الأمن الغذائي الوطني، بكل أبعاده ومفاصله، وربما عودة الوزير النشيط الدكتور خالد حنيفات لإدارة الوزارة والملف الزراعي، كانت خطوة موفقة بالدرجة الكاملة وتسجل لدولة الرئيس بتعديله الأخير، فعند توليه مسؤولية الوزارة، وضع رؤية وخططا مستقبلية لحلول سميت بالجوهرية للمشاكل التي تعترض الإصلاح الزراعي، وقبل أن تترجم الرؤية، غادرها بتعديل وزاري وظروف ضبابية غير موفقة، لتتجمد الطموحات التي لا يجب ربطها بالأشخاص، تمهيدا لولادة متوقعة للمؤسسية بالأداء، وللتذكير، فهو طرح فكرة الشركة الأردنية الفلسطينية للتسويق الزراعي والتي تم تجميدها بعد خروجه، وطرح مشروع رب البندورة والبندورة المجففة وتجمد المشروع ايضا بعد خروجة، وطرح عام التصنيع الزراعي حتى قبل الجائحة بسنتين لكن المشروع لم ير النور بعد خروجه من الحكومة، وهو الشخص القادر والمؤهل اليوم، لجعل الميدان الزراعي، ميدانا جاذبا وذا مردود على المزارع والمواطن والوطن.
أصبحت التحديات بمستوياتها، عاملا حاسما بتحديد ظروف المستقبل لوضع الخطط العلاجية لأوهان الدول، والظروف الدولية التي تحتل عناوين الأحداث وترسم التحالفات المستجدة قد اصبحت اسيرة لواقع الحال؛ الظروف السياسية وتبنى على فرض الواقع بلغة المصالح والقوة، والظروف الوبائية المستجدة والمتجددة والمتحورة، وربما التصالح مع الذات بما نملك، يفرض الاعتراف بوجود أزمة غذائية مستترة وقيد الانفجار المستقبلي، لوجود أكثر من مؤشر حياتي وواقعي، حيث سيطبق قانون الغاب والأنانية، الأمر الذي يلزمنا ويلزم أصحاب القرار بضرورة التعامل بشفافية ضمن المعطيات منذ الآن حتى لا نسجل إخفاقا جديدا، فالفزعة والإعتماد على الأمجاد والوعود قد أرهقت منظومتنا الصحية مثالاً، ولا نريد تكرارها، فالأمن الغذائي هو العنصر الأساسي المكون للأمن الوطني، وشريان الإنتماء للدفاع عن المقدرات للوجود، ولهذا، فقد استحوذ هذا الملف أو السلاح بقالبه الجديد، على اهتمام صانعي القرار بالعالم، لتجنب فقدان مقومات الحياة الأساسية وأبجدياتها، وهو سلاح جاهز للإستخدام لأنه يحرك الشعوب بداخلها ويعبث باستقرارها.
هناك العديد من المؤسسات الزراعية تحت مظلة وزارة الزراعة التي تمثل فريقا متناسقا بالأداء والجهود، ضمن خطة استراتيجية ووطنية تعتمد على المتوفر بأرض الواقع، وهي القادرة على رسم الخطط الزراعية لمنح الأردن بطاقة القبول في هذا الملف العالمي، فوجود رأس الحربة المطلع والنشيط والمتمثل بوزير ديناميكي صاحب رؤية، وتعاون من قبل المركز الوطني للبحوث الزراعية بتقديم الخطط والاستغلال الأمثل لأبجديات التصنيع الزراعي، إضافة لتفعيل الدور الحيوي لمؤسسة الإقراض الزراعي بتلامس مباشر مع حاجات المزراعين ومربي الثروة الحيوانية بكافة اشكالها، والنهوض بسياسة دعم التعاونيات الزراعية من خلال تقوية المؤسسة التعاونية، مثلث نشيط وقيادة مميزة، تصنع الفرق الواعد، وتكفل لنا غذاء سليما لأننا نستحق.
وللتذكير، فالحقائق الجديدة التي تدق ناقوس خطر المستقبل القادم متعددة وواضحة، وتحتاج لترجمة أحداثها بواقعها وبعيدا عن الفتوى أو التبرير، فقد كشفت أزمات الغذاء العالمية عن التهديد للأمن الغذائي المصاحب للنهج القائم على التجارة وتبادل المصالح عندما يكون هناك فائض، وسرعان ما تتنصل الدول وتحالفاتها من تعهداتها بوجود أزمات وجودية لمصلحة سكانها بمنطق لا يمكن الإعتراض عليه، وبالتالي، يصبح التركيز على الإنتاج المحلي أمرا ضروريا على قائمة الأولويات، فواقع تآكل مساحة الأراضي الصالحة للزراعة نتيجة لسياسات عقيمة يجب توقفها، ودعم زيادة مساحة الأرض المزروعة واستخدام أمثل لمصادر المياه المتوفرة، والتأكيد على إعطاء أولوية مطلقة لقطاع الزراعة في مجال البحوث والتنمية لتحسين إدارة الملف الزراعي، ويقيني، أنه واقعنا اليوم بدعم من جلالة الملك، وتبن واضح من دولة الرئيس، ووزير يملك ديناميكية الترجمة على أرض الواقع وللحديث بقية.
(الرأي)