تمر الأيام وتمضي السنون وما زلنا نعيش في ذات المربع، اقتصاد يتداعى ومعدلات فقر وبطالة إلى ارتفاع، ومنسوب تصريحات براقة ما زالت تتسيد المشهد حتى يومنا، دون أن نرى قيمة مضافة على واقع تتعالى فيه قيم المحاصصة وتدوير الوجوه التي أصابت قطاعات الدولة في مقتل، ثم بعد ذلك نطالب بإحداث ثورة إصلاحية بذات الأدوات القديمة التي فشلت في إحداث أي فرق يسهم ولو من بعيد في الارتقاء بالخدمة والتقدم بالأداء.
الضعف واللامبالاة ميزة وسمة باتت هي السائدة في المؤسسات على اختلاف مهامها، ولم تشفع أو تنجح إصابات كورونا التي تسجل تصاعدا يوميا ملفتا ووصلت إلى مستويات مقلقة في دق ناقوس الخطر، بعد أن كشفت حجم الخراب الكبير الذي حل بالمؤسسات وعكست بما لا يقبل التأويل حالة الترهل غير المسبوقة، نتيجة غياب المساءلة وتوزيع الجوائز على أصحاب الحظوة ممن يتبوأون المواقع ويتناوبون عليها.
الملفت أن عديد من كانوا في موقع المسؤولية ينتقدون واقع الحال، ويتحدثون أمام الكاميرات عن ضرورة إحداث ثورة في المفاهيم الإدارية السائدة وأصول العمل المؤسسي، والحد من ثقافة الواسطة والمحسوبية التي كرست غياب العدالة وانعكست على هيئة خدمات مشوهة، كانوا أنفسهم أبرز أدواتها وساهموا في إحداث هذا الخراب والتراجع الذي طاول معظم القطاعات.
التصريحات الرنانة التي أمطرنا فيها بعض من يتربعون على كرسي المسؤولية، لم تعد جاذبة أو مصدر ثقة حين إسقاطها على الواقع، وباتت تشكل مصدرا رئيسا في إحداث ردات فعل عكسية تعزز حجم السخط وانعدام الثقة بين المواطن والمسؤول.
دوام الحال من المحال، ما يستدعي من الحكومة أهمية إعادة النظر في الخطاب الرسمي، وأن لا تستمر في بيع الناس وهما وتقدم خريطة طريق واضحة المعالم وبرامج على أرض الواقع، تمهد لاستقطاب استثمارات توفر فرص عمل لآلاف الأردنيين الذين لم يحظوا بعد بفرصة عمل بعد سنوات طويلة من الانتظار، وأن لا ترمي فشلها في إدارة الملف الصحي على المواطن الذي ضاق ذرعا بسياساتها في وقت ما زلنا نعيش فيه فوضى التصريحات وتضاربها، إذ بدا غياب التنسيق والابتعاد عن المؤسسية السمة الغالبة حتى باتت المواقع أكبر من شاغليها.