بين قوانين الكيمياء الحيوية وقوانين الإدارة الحكومية
د.سالم الدهام
17-03-2021 12:42 AM
لست مختصا في الكيمياء العامة فضلا عن الكيمياء الحيوية، لكنني أفرق بين علمي الكيمياء والفيزياء من حيث إن الأول يبحث في العلاقة التي تجمع بين عنصرين أو أكثر لتكوين مادة معينة، وهو أمر يبحث في الناحية الجوانية من المادة، بينما يبحث علم الفيزياء في المادة من الخارج كالكتلة والسرعة والتسارع والجاذبية وغير ذلك، ومن ثم فإن تشابه المواد وتساويها الصفات غير كاف لأن تساق في صعيد واحد يفضي بها للتجاور في بنيان مرصوص من الجزيئات التي تشكل مادة لها قوام متماسك ولو ضُغطت بكتل فولاذية عملاقة؛ فقوانين الكيمياء لاتسمح بتفاعل الاتحاد والضم ما لم تكن العناصر الداخلة في التفاعل مؤهلة لهذه العلاقة التي تنشأ مع طبيعة المادة ولا تكتسبها المادة في ظروف خاصة أو عامة.
ومن المعروف أن التفاعلات ليست إيجابية دائما بالمفهوم الوجداني للإيجابية؛ فثمة تفاعلات تقوم على إنتاج الصدأ الذي يتكون من تفاعل مادة الحديد مع الأكسجين مما يؤدي لتلف مادة الحديد وتفاعل التفكك والانحلال، وتفاعلات الأكسدة المنتجة للمواد الشاردة...وغير ذلك.
إن مثل تلك الصفات السابقة التي تحدد طبيعة التفاعل وشكله بين العناصر الموجودة في الطبيعة أمر لا يملك الإنسان تحييده، أو إلغاءه، وقصارى ما يمكنه فعله أن ينشط ليكتشفه وينتقي منه ما يحقق حاجاته وأهدافه سواء أكانت اقتصادية أو عسكرية، أو غير ذلك...ويتجنب ما لا حاجة له فيه.
لكن انتقال قوانين علم الكيمياء لتحدد طبيعة العلاقة بين البشر، ولا سيما في الإدارات الحكومية بدلا من القوانين الإدارية والأنظمة والتعاليم الراسخة فذلك هو العجب العجاب في مجتمع يسعى نحو الرقي والتقدم والشفافية والحوكمة الرشيدة.
إن وجه الإدارة الرشيقة صقيل شفاف لا يحتمل التفاعلات الكيميائية المدمرة، كالتفاعلات الانحلالية، أو التفاعلات المنتجة لصدأ الحديد، وهنا أود أن أشير إلى أن الأوان قد آن لوقف العبث الكيميائي الذي لا يفضي إلا إلى بناء دوائر ضيقة من التحالفات الكيميائية من نوع الاتحاد والضم،وما يدريك لعل في الاتحاد قوة، وفي الضم رفعة.
ومما لا تحمد عقباه أن تسفر التفاعلات الكيميائية أحيانا عن طفرات تحدث خرابا حيويا في الأجسام، وعناصر حرة أو شاردة يصعب التحكم بمآلاتها وسيرورتها، الأمر الذي تحدثه التفاعلات الإدارية القائمة على إحلال قوانين الكيمياء محل قوانين الإدارة لتعيد إنتاج الترهلات والتشوهات غير المحمودة بشكل أكثر رشاقة،يتم فيه الاحتيال على النظر الثاقب، فيصير الشحم فيمن شحمه ورمُ.