مهما حصل.. يبقى الأردن الوطن والحب والمرجع والمأوى.. والملاذ لا نقبل بسواه.. نقسو عليه ويقسو علينا نتبادل الوجع لنبقى جميعاً، وما قاله شاعرنا حيدر محمود في بلدنا هو ضمير كل اردني شريف محب نتلوه كل صباح وكل ذات اه:
حلو.. أو مر.. هذا وطني.. وانا اهواه! يسعدني.. او يشقيني.. لا أرضى بسواه! واذا ما شاء العشق له، أن أغدو حجرا.. او زهرة دفلى.. او قطرة ماء.. فله ما شاء، له.. ما شاء..
وليحفظه المولى.. موالا للفرح الاخضر، فوق شفاه الزعتر، والحناء.. وصلاة للعطر، بقلب الزهر، تفجر منه مواسم عشق، ومراسيل.. وبيادر صحو، ومناديل.. وصبايا، مثل مروج القمح، تميل!
وليحفظه المولى.. شمسا دافئة الوهج، ووعد غرام..! وجديلة زهو في الحدقات السود، تنام! هذا وطني.. هل في الدنيا وجه احلى من وجه حبيبي!؟
نمر بأزمة ومرحله تؤرقنا جميعاً، وكما تقول امهاتنا وجداتنا ( مالنا عين وطستنا.. مش زابط إشي).. كورونا عرت المستور.. نجحنا.. فشلنا.. انتكسنا.. وصفينا بآخر اسوأ عشر دول في العالم بانتشار الكورونا وفتكها بنا، صحونا على نقص الأكسجين في مستشفى السلط.. تدحرجت رؤووس.. وعلت أخرى.. وانطبق علينا قول حيدر محمود في مهرجان عرار في قصيدته التي عاقبوه عليها لولا تدخل الراحل الحسين الذي أنصفه.. حيث قال:
عفا الصفا وانتفى يا مصطفى وعلت ظهور خير المطايا شر فرسان
فلا تلم شعبك المقهور ان وقعت عيناك فيه على مليون سكران
قد حكموا فيه أَفاقين ما وقفوا يوما بإربد أو طافوا بشيحان
ولا بوادي الشتا ناموا ولا شربوا من ماء راحوب أو هاموا بشيحان
فأمعنوا فيه تشليحا وبهدلة ولم يقل أَحد كاني ولا ماني
ومن يقول؟ وكل الناطقين مضوا ولم يعد في بلادي غير خرسان
ومن نعاتب؟ والسكين من دمنا ومن نحاسب؟ والقاضي هو الجاني..
نعم كل المسؤولين من لحمنا ودمنا.. والمقصر ليس من ألمانيا كما قال جلالة الملك، معادلاتنا مقلوبة وتفتقر للمنطق، النهج غير صحيح في التعيين والواسطة وعلو الرويبضات ضعيفي الأداء وتنحية الأكفاء.. كلنا شركاء في الجريمة، الذي يتوسط للإدارة وهو يعرف أنه ضعيف ومش قدها، الذي يتوسط نائب وجه وزير وغيره، من يقبل الواسطة كبير المجرمين، وكلكم تعرفون قصة العميل الروسي الذي وضعت عينها عليه المخابرات الروسية في آخر عمر الدولة الروسية، ولم تجد لديه أي تخابر او جاسوسية مباشرة، ولكن عند مواجهته قال كنت فقط اوصل للقيادة بكل مكان الرجل الضعيف غير المناسب، حتى تقوضت اركان الحزب والدولة الروسية بعظمتها، ونحن بسذاجتنا وعدم معرفتنا نفعل ذات الفعل، كل من يساهم بإيصال من لا يستحق مجرم بحق الوطن، ولكن لا الوم.. لو بنينا نظام ونهج صحيح بعيد عن جعل الأوطان والمناصب كعكة توزع للإسترضاء والهبات، لما وصلنا لهذا.. الفساد الإداري معضلتنا الأولى، المالي معضلة لكن أثره يكون قليلاً مقارنة بما يهدمه الفساد الإداري، الحلول الأخيرة ترقيعية وردات فعل لن توصلنا للهدف، مطلوب إرادة سياسية قوية لديها ضوء أخضر بتغيير النهج، ووضع قواعد وأسس لا يتم تجاوزها من أي كان، ويظللها نظام مراقبة ومحاسبة وعقاب صارم، يجب أن نكبر الأنا الوطنية وتكون أولويتنا، مقابل الأنا الشخصية التي يجب أن تنتفي أمام مصلحة الوطن، الأردن ولاد وفيه كفاءات بنت أوطان من حولنا، وفي ظل نهجنا المتردي تنحت وانسحبت الكفاءات وتسيد المشهد عديمي الكفاءة ولا أعمم..!، مشهدنا هذه الأيام لا يسر صديق ولا عدو، الأردن يستحق غير هذا، أوقفوا التوريث والواسطات والمحسوبيات.. أبحثوا عن المخلصين وهم كثر، ساعدوا الملك ولا تغرروا فيه، لن يستطيع عمل شيء ونحن لم نتغير، أبعدوا الفاسدين الضعاف، وإن شاء الله تنكشف الغمة، ونعود لما يجب أن نكون عليه، التميز والتقدم رغم شح مواردنا، أبعدوا كل عابث متسكع سياسة باحث عن جاه ومصدر للفساد، نريد الأردن سماءً زرقاء بيضاء لا تشوبها شائبه.. أنا لا أحلم.. لكن كنتم خير امة أخرجت للناس.. والأمل أن نرجع من هجتنا وعشوائيتنا وقلة حيلتنا.. (وخرزة زرقاء عنا وعنكم) يمكن محسودين.
حمى الله الأردن.