لقد شهدت الإدارة بمؤسساتنا منذ سنوات تراجعًا كبيرًا في الأداء المؤسسي على الرغم من البطالة المقنعة داخل هذه المؤسسات الحكومية. وإذا اردنا أن نتعرف الأسباب الكامنة وراء هذا التراجع فيمكن أن نلخصها بما يأتي:

1- غياب التخطيط الإستراتيجي في مؤسساتنا، فعندما يكون لدينا تخطيط إستراتيجي لمدّة طويلة فإن هذا يُعّد نهجًا يسير عليه المسؤولون متّخذو القرارات؛ فقد أكد ذلك عالم التخطيط (سوات) على أن التخطيط الإستراتيجي يشخص لنا الواقع ونتعرف من خلاله على السلبيات والإيجابيات؛ لكي نصل بمؤسساتنا إلى درجة التمكين مما يؤدي إلى ظهور أفكار إبداعية تخدم الوطن والمواطن بمؤسساته المختلفة، ومن ثَمَّ نحافظ على الكفاءات الوطنية في هذا البلد العزيز على قلوبنا جميعًا.

2- عدم الأخذ بمدخل الدراسات المقارنة وهو مدخل أساسي من مدخلات التخطيط لتطوير مؤسساتنا، فعلينا الاطلاع على تجارب الدول المتقدمة؛ لكي نأخذ هذه التجارب والنظريات ونطبقها في مؤسساتنا المختلفة بعد مواءمتها للبيئة الأردنية، فعلى سبيل المثال عالم الإدارة الياباني (وليم أوتشي) عندما وضع نظريته المشهورة في علم الإدارة نظرية (Z) وضع مبادئ أساسية لتطوير الأداء الإداري في المؤسسات اليابانية، ومنها الآتي:

- الاختيار الحصيف للموظفين الذين يتمتعون بدرجة عالية من الكفاءة والفاعلية.

- تدريب هؤلاء الموظفين ما قبل الخدمة وأثناء الخدمة، حتى يتمكنوا من القيام بواجباتهم خير قيام.

- تعزيز الانتماء للعمل والتفاني في تقديم الخدمة للمؤسسات التي يعملون فيها. ويُعَدُّ هذا واجبًا وطنيًا يقع على عاتق كل موظف.

- تحديد المهام والأدوار الملقاه على عاتق كل شخص، آخذين بعين الاعتبار أن العمل الجماعي تشاركي بين الموظفين وأي خطأ للموظف يتحمل مسؤوليته الموظفون جميعًا فالجميعُ يعملون معًاعائلةً واحدة ويتبادلون الخبرات ويكسبونها لبعضهم بعضًا، كما أنهم يتمسكون بأصحاب الخبرات والكفاءات المتميزة؛ لانهم هم الذين يقع على عاتقهم تدريب الموظفين الجدد، مثلما يقع على عاتقهم تحمل المسؤولية الأخلاقية والمهنية نحو التغيير والتطوير؛ فهم بمنزلة بيت الخبرة.

- ترقية الموظفين حسب هذة النظرية يتمّ وفق الأقدمية؛ لأن الجميع على درجة عالية من الإعداد والكفاءة و التفاني في خدمة المؤسسة وتحقيق أهدافها، لذلك لا مجال للواسطة والمحسوبية والمناطقية في الترقية للموظفين.

3- إن التغيير في علم الإدارة لا يحصل دفعة واحدة وفي مدّة زمنية قصيرة، بل يحتاج إلى إعادة النظر في البنية المؤسسية بشكل جذري، أي عمليات المؤسسة وهيكلها التنظيمي وأسلوب إدارة أفرادها، وثقافتها التنظيمية بكل ما فيها من قيم ومفاهيم، ومن هنا تأتي أهمية الرّبط بين المكونات الرئيسة وما يرتبط بها من قدرة على التجديد والتغيير والابتكار المستمر.

وفي الختام، فإنني أنهج بالدعاء معكم وبكم إلى الله عز وجل أن يحفظ هذا الوطن الغالي على قلوبنا جميعًا من كل سوء ومكروه بقيادته الفذة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين أدامه الله ورعاه.