ما بعد كارثة مستشفى السلط وحولها
عمر الرداد
16-03-2021 02:29 PM
كما ان كورونا كشفت عورات الدول والحكومات والشعوب، فان الأردن لم يكن حالة استثنائية، فقد انكشفت عورات مؤسساتنا وانكشفت قيمنا ،ومحطة شهداء الاوكسجين في السلط ليست الأولى، فسجلاتنا حافلة بالأخطاء الطبية وغير الطبية ،ولا يمكن تحميل جهة بعينها ما حدث فكلنا مسؤولون عما جرى وسيجري من حوادث مشابهة في أية منطقة بالأردن" لا قدر الله".
لقد اصبح واضحا ان هناك غضبة ملكية أوضحت بصورة مباشرة اطلاع جلالة الملك على التفاصيل وبتوجيهات صارمة جدا بضرورة المحاسبة والمساءلة، لا تقبل التأويل والتفسير لما تضمنه من عبارات وتوجيهات واضحة، القت الكرة في مرمى الحكومة والشعب.
ملفت للنظر في التغطية الإعلامية هذا الحضور المكثف بظهور شخصيات مسؤولة من وزراء ومدراء سابقين، يتحملون مسؤولية أخلاقية وسياسية عما آلت إليه الأمور عبر فضائيات اردنية وعربية لتقييم ما جرى في السلط وتوجيه انتقادات للحكومة.،وتوزيعها هنا وهناك، وفي اطار تطهير انفسهم من مسؤولياتهم ، وبمرجعيات مكشوفة لا تستهدف الا العودة للموقع.
ليس دفاعا عن الحكومة ، وليس مطلوبا في هذه المرحلة المفاصلة بين موالاة ومعارضة فما كان يجري في عهود من يصرخون اليوم عبر الاعلام من المسؤولين، اخطر مما يجري اليوم،لا بل ان كل الكوراث هي ثمار ادارتهم ،لان ما يجري ليس وليد اللحظة ،بل تراكمات، وليس مطلوبا اليوم من يعتلي ظهر الفرس ب"التسحيج" والاشادة والتصفيق، فالشارع اليوم ليس فقط غير معني بما تقدمه هذه الشخصيات من مقاربات، واصبح يدرك ان هذا الظهورلمسؤولين سابقين يقدمون أنفسهم بوصفهم البدلاء الامناء القادرين على حمل أعباء المرحلة بعد ان تم تجريبهم مرات ومرات.
المحتوى الاعلامي الرديء الذي يقدم اليوم تحت عنوان الموالاة والمعارضة والاستثمار والاستغلال،هو ما يدفع الناس للبحث عن رواية تقدمها جهات لا تضمر خيرا للاردن، ويسهم في نزع الثقة بكل شيء وشيوع هذه السوداوية،ويحول دون سماع وجهات نظر حقيقية تحمل خطابا هدفه مقاربات فعلية للحفاظ على الأردن.
لا احد ينكر ان هناك ازمة في الأردن عميقة وتتعدد تجلياتها في غالبية الملفات ، ولا اعتقد ان هناك خلافا على ان أهمها احتواء الكارثة الصحية التي تلوح في الأفق جراء تفشي كورونا، والتي من المؤكد انها ستطال الموالاة والمعارضة "مع تجاوز استخدامات المصطلح والمفهوم".
بعيدا عن نظريات المؤامرة والخطابات المعلبة مسبقا التي تستلهم مفردات قاموس من فترة الستينات والخمسينات والشعارات النارية من بينها مثلا "حكومة انقاذ وطني" فان ما يجري يتجاوز حدود كارثة مستشفى السلط وعلى أرواح شهداء الكارثة تبني جهات داخلية وخارجية مخططاتها، والكل يسارع الخطى لقطف ثمارها المرة، فلا يمكن قراءة ردود الفعل بالصورة التي تجري الا في اطار خطة، ليست معزولة عما يحققه الأردن اليوم بعد المتغيرات التي يشهدها الإقليم والمنطقة، بما فيها تلك التحذيرات للرعايا الأمريكيين في الأردن من الذهاب الى مناطق بعينها في الأردن تحسبا لعمليات إرهابية.
لدينا حكومات ونخب وشعب لديها من الأخطاء المتراكمة ما يكفي لانتاج عشرات المجلدات، لكن ما هو المطلوب في قضية مستشفى السلط؟ هل نضع المتهمين في القضية في صف وخلفهم حائط ونطلق الرصاص عليهم؟ هل نتوقف عن تجاوز الإشارة الضوئية الحمراء؟ كيف ستكون هناك عدالة ومكافحة فساد نعترض عليها حينما تطال ابن العشيرة والمنطقة والاقليم البار؟!