تنكس الدحنون
اللواء المتقاعد بسام نسور
15-03-2021 10:18 PM
ننظر الى الدحنون الذي يزين ربيع بلدي لا نجده ذاك الدحنون الباسق المحمرة وجناته، الذي كان يتوضأ من ندى الصباح ويتوهج احمراراً بالنهار.
ما الذي جرى لك يا دحنون بلدي؟ اصبحت يائسا، ورودك منكسة الخاطر مخطوف جمالك، كان صديقي د.محمد الحباشنة (رحمه الله) يتحدث لي انه كان في كل اسبوع يغير نباتات الزينة في عيادته لانها كانت تذبل من كثرة ما تسمع من معاناة ومشاكل مراجعيه.
ان ما جرى في مستشفى السلط لا يمكن ان ينطبق على الحالة الاردنية في المجال الطبي، حالة من حالة عامة اصابت جسم الدولة حيث نخر الاهمال واللامبالاة والفساد الاداري والمالي هذا الجسد الوطني الذي تعب من سبقونا على بنائه.
نحن الان ندفع فاتورة الفشل بأختيار الرجل الغير مناسب بالمكان الغير المناسب، ندفع فاتورة غياب المحاسبة لمن ينقض اليمين ويصبح همه الحصول على الامتيازات والمكاسب ولا يكلف نفسه ان يخرج للميدان لمتابعة ما اوكل اليه من مسؤولية بدون مراسم وتلميع اعلامي ويختتمها بدعوة عند فلان او غيره.
عندما اصبح معظم من توكل اليهم الأمانة يتخلصون من الكفاءات والايادي النظيفة ليحل محلهم ممن يرضى المسؤول عنهم من ضعاف الشخصية والكفاءة حتى لا ينافسوه، ويصبح الامر تسير اعمال وليس ابداع، وبالتالي تدفع الفاتورة على حساب الوطن.
نتساءل كم مرة امر ولي الأمر بأن يكون اختيار المسؤولين على اسس الكفاءة، وكم مره امرهم بأن يكونوا بالميدان لتلمس اوضاع المواطنين، ومراقبة اداء ممن اوكلت لهم الامانة.
ان حادثة الاهمال واللامبالاة التي وقعت في مستشفى السلط والتي راح ضحيتها ابرياء هي جرس انذار لمؤسسات الدولة، التي يجب ان لا تمر مرور عابر دون اعادة النظر في دور المسؤولين الملقاة على عاتقهم الامانة وان نبدأ بالمحاسبة الفعلية للمقصرين وليس فقط الاستغناء عن خدماتهم.
ان ما جرى هو ضربة في الظهر لسمعتنا الطبية التي كانت مضرب مثل في كل ارجاء المعمورة وانتكاسة لمؤسساتنا الطبية التي نفاخر بها، وهذا اندرج على بعض مؤسساتنا التي كنا ايضا نفاخر بها.
هل يعقل ان يتدخل ولي الامر في كل اخفاق من المفروض ان يتم متابعته ومعالجته ممن اوكلت لهم الامانة، لذا حان الوقت ان يتحمل هؤلاء المسؤولية وان لا يختبئوا خلف ولي الامر.
ان القرارات والتصريحات والتصرفات لمعظم المسؤولين التي تتصف بالانشائية والتردد والخوف اصبحت مادة دسمة للمنظرين لمن يريد بهذا الحمى شراً، ونتعجب احيانا انهم بواد والواقع بوادٍ اخر وبالتالي تستشري الاشاعات البعيدة كل البعد عن واقع الحال. فعلينا تفويت الفرصة عن المارقين والمندسين واعداء الوطن.
حان الوقت للمراجعة الجادة والحازمه لأداء كل مسؤول وتطبيق مبدأ المحاسبة والشفافية واستئصال كل ما يعيق ان نكون بالصورة المثلى حتى يبقى الوطن عزيزاً ناهضاً منيعاً في وجه كل من تسول له نفسه بالتآمر واعاقة التطور والنهوض للافضل ليبقى الدحنون باسقاً.
رحم الله شهداء الوطن وحمى الله هذا الحمى بقيادته المظفرة وأن يرفع الوباء والبلاء عن هذا الوطن.