الخامس من أيار
وليم سلايطة/ديترويت/امريكا
05-05-2010 06:31 AM
عمون – ديترويت، وليم سلايطة - منذٌ مجيئي الى الولايات المتحدة الاميركية، اعتدتُ على مشاركة الجالية المكسيكية احتفالاتها بيوم الخامس من أيار من كل عام ومتابعة الاحتفالات الثقافية والمهرجانات التراثية والفنية وما تتضمنه من سماع الموسيقى الصاخبة وتذوق الاطعمة اللذيذة والرقص في شوارع المدن الاميركية المكتضة بالجاليات المكسيكية.
كنت اظن مثل الملايين غيري ممن يحيون هذه الذكرى، ان الخامس من أيار عيد المكسيك الوطني (الاستقلال)، غير انني اكتشفت قبل سنوات فقط أن هذه الاحتفالات تخلد ذكرى النصر الساحق الذي حققته بعض الميليشيات المكسيكية ضد القوات الفرنسية في معركة (بيولا) قبل نحو مئة وستين عاماً.
مباشرة بعد أن حصلت على استقلالها من فرنسا عام 1821 وبعد صراعات دامية ومريرة، كانت المكسيك خارجة للتو من حروب طاحنة مزقت اوصالها، دخلت في صراعات داخلية عنيفة قادتها الى حرب اهلية مريرة أعقبتها حرب دامت سنتين مع الولايات المتحدة الاميركية. وخلال هذه الفترة الزمنية القاسية التي عاشتها المكسيك تراكمت ديونها الخارجية وترهل اقتصادها ولم تعد قادرة على الافاء بالتزاماتها وسداد ديونها لدول كبريطانيا واسبانيا وفرنسا. وحدها فرنسا التي رفضت الغاء ديونها على المكسيك واتخذت من عدم الافاء هذا حجة لتحقيق اطماعها التوسعية وزيادة رقعة الامبراطورية الفرنسية فقررت احتلال المكسيك، حين عينت أحد أقارب نابليون الثالث وهو النمساوي "ارشدوك مكسيمران" حاكماً للمكسيك. مباشرة أرسلت فرنسا قوات عسكرية ضمت سبعة آلاف مقاتل متمرس تمركزت في خليج المكسيك وبدأت هذه القوات المنظمة والمدربة مسيرة نوح المكسيك. وفي مدينة "بيولا" اشتبك الجيش الفرنسي مع ميلشيات مكسيكية كان يقودها الجنرال المكسيكي "اقنيسشيو ساراكوت". وبالرغم من أن عدد هذه الميلشيات لم يتجاوز اربعة آلاف مقاتل افتقروا الى التنظيم وحيازة العتاد الا انهم كانوا مسلحين بأرادة قوية وتصميم مؤكد وعزيمة جبارة على قهر الفرنسيين المعتدين. وفي الخامس من أيار عام 1862 حققت هذه الميلشيات نصراً ساحقاً على عدوها الفرنسي واجبرته على الانسحاب خارج الاراضي المكسيكية.
أعاد هذا الانتصار الهيبة للمكسيك وخلق شعوراً قوياً بالزهو والفخر والعزة ساهمت في تعزيز الوحدة الوطنية الداخلية للبلاد التي افتقدتها المكسيك لسنوات.
الخامس من أيار، ليس عيداً قوميا في المكسيك، ولم تعد له تلك الاهمية الكبرى كما كانت في السنوات الغابرة، كيوم الاستقلال الذي يوافق السادس عشر من أيلول كل عام. غير ان الجاليات المكسيكية الاميركية ماتزال تحيي ذكرى معركة "بيولا" وكأنها العيد الحقيقي لاستقلال المكسيك...... أما انا فأن احتفالي في يوم الخامس من أيار هو مسألة شخصية احيي فيها ذكرى ولادتي.
Williams@myacc.org