نحن اليوم لسنا بحاجة الى إعادة النظر في اي منظومة سواء التعليمية او الصحية او الاعلامية او غير ذلك فحسب..بل نحن اليوم في أمس الحاجة إلى أن يرافق هذه الاعادة تغيير جذري على السلوكيات والمهام والواجبات الموكولة إلى كل وزير وكل نائب وكل مدير وكل مسؤول في هذا الوطن كل بحسب موقعه...
نحن لا نحتاج اليوم ان نسمع بأن الوزير الفلاني.. أو النائب الفلاني او المحافظ الفلاني.. قد رعى الحفل الفلاني واجتمع واستقبل وناقش وزار المكان الفلاني.. نحن لا نحتاج بان نشاهدهم ونسمعهم في مقابلات عبر وسائل الإعلام فحسب.. نحن لسنا بحاجة لوزراء ونواب ومحافظين ومسؤولين يجلسون ويأمرون ويراقبون ويتابعون اعمالهم ومهامهم داخل مكاتبهم فحسب ومن وراء الطاولات فقط.
نحن لسنا بحاجة لأي محافظ ينصح أبناء محافظته بارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي فهناك أمور أعمق من ذلك .. نحن بحاجة لمحافظين ينخرطون بابناء محافظاتهم ويلمسون واقعهم وهموهم واقتراحاتهم.. فمهمة المحافظ يجب أن تكون في الميدان من دون مظاهر وبريستيجات مسبقة..
ما احوجنا اليوم إلى وزراء ينخرطون في مؤسساتهم وبين موظفي تلك المؤسسات والقطاعات.. والى عمل زيارات مستمرة وبصورة مفاجئة لقطاعاتهم ومؤسساتهم يشاهدون الواقع ويلمسونه عن قرب.. يجتمعون بالموظفين الصغار قبل المسؤولين الكبار.. لأن الحقائق تكمن عندهم.. يلمسون واقع مؤسساتهم ويتعرفون على هموم واقتراحات الموظفين الصغار.. وان يستمعوا إليهم وبان لا تنحصر اجتماعاتهم داخل مكاتب المسؤولين فقط...
نحن لسنا بحاجة اليوم الى نواب يعملون ويراقبون ويتابعون من تحت قبة البرلمان فحسب .. بل نحن في امس الحاجة إلى نواب ينخرطون في الميدان.. يشاهدون الواقع ويلمسونه.. ويستمعون للمواطنين لهموهم لمشاكلهم لاقتراحاتهم... يشاهدون الاحتلالات وبقوموا بتصويبها بناء على ملامساتهم الشخصية لارض الواقع..
نحن بحاجة إلى مدراء ومسؤولين يشرفون ويراقبون على آداء مؤسساتهم وقطاعاتهم من خلال التواصل المستمر مع موظفيهم..
نحن في امس الحاجة إلى وزير تربية وتعليم يقوم بزيارة المدارس والجامعات والاطلاع على واقعها والتعرف على احتياجاتها والاختلالات الموجودة فيها وتكون قراراته بناء على ما لمسه هو وليس على ما نقله الآخرون له...
نحن بحاجة إلى وزير اعلام يجتمع بموظفي المؤسسات الإعلامية قبل أن يجتمع مع مدرائها وان تكون هناك حلقات تواصل مستمرة من دون تكليفات بينه وبين الإعلاميين والصحافيين... لملامسة واقعهم واحتياجاتهم والاستماع لملاحظاتهم واقتراحاتهم.. فكم من وزير اعلام جاء وذهب.. ونحن كاعلاميين وصحافيين لم نلتقي به داخل مؤسساتنا
نحن بحاجة إلى وزير عمل ينخرط في الميدان لا أن ينحصر عمله ومهامه داخل المكاتب للتوقيعات والاتفاقيات والاستقبال وغير ذلك ..
نحن بحاجة إلى وزير صحة يقوم بجولات تفقدية مفاجئة على المستشفيات والمراكز الصحية يستمع للمرضى وذوي المرضى.. ويستمع للموظف قبل أن يستمع ويجتمع مع مسؤول مركز او مدير مستشفى.. يطلع على الخدمات ويدرس النواقص والاحتياجات ويصلح الاحتلالات..
نحن بحاجة إلى مدراء يتواصلون ويجتمعون باستمرار مع موظفيهم لا ان يمروا من مكاتبهم مرور الكرام...
نحن بحاجة إلى مدراء مدارس ومدراء جامعات ينخرطون بالطلبة وذويهم ليتعرفوا على نقاط القوة ونقاط الضعف ويكتشوفون الاختلالات ويستمعون للملاحظات لا ان يتوقف تواصلهم فقط على المعلمين...
نحن بحاجة كموظفين ومواطنين وأبناء هذا الوطن إلى وجود كل مسؤول سواء اكان مديراً او محافظاً او وزيراً او نائباً للانخراط بينا عن قرب لا عن بعد... فكم من مسؤولين ومدراء في مؤسسات وقطاعات الوطن جاءوا وذهبوا ولم يعرفونهم موظفي تلك المؤسسات والقطاعات الا بالاسم فقط..
نعم.. يجب إعادة النظر في تعزيز حلقة الاتصال والتواصل بين الحكومة والمواطنين وبين المدراء والموظفين.. فهذه من الخطوات الهامة لإعادة الثقة وتعزيزها...
نحن في امس الحاجة إلى رئيس وزراء يأمر ويراقب ويتابع آداء الحكومة عن قرب...
نحن في أمس الحاجة أيضا الى انتماء حقيقي لهذا الوطن والى وجود الضمير الحي.. والى احترام القسم الذي اقسمتم عليه.. (أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للملك وان أحافظ على الدستور وان اخدم الأمة وأقوم بالواجبات الموكولة الي بأمانة).. كم نتمنى أن يترجم هذا القسم على أرض الواقع.. وكم نتمنى أن نكون مخلصين وصادقين مع أنفسنا اولاً وأمام الله حتى نكون قادرين ان نخلص لجلالته وللدستور وللأمة.. كم نتمنى أن تقوموا بالواجبات الموكولة إليكم كمسؤولين ونواب ووزراء عن قرب وليس فقط خلف مكاتبكم وعبر وسائل الإعلام كي تترجم تلك الأمانة بكل مصداقية وشفافية على أرض الواقع.. فكفى. ولنرحم أنفسنا ولنرحم هذا الوطن...