يبدو أن رؤيا وزير الدولة لشؤون الإعلام قد ثبتت وتدحرجت رؤوس كان تنبأ بأنها أينعت وحان قطافها، لكن هذه المرة ليست من صغار الكتبة والموظفين، بل طاولت الدحرجة قيادات ورؤساء منشآت صحية ومساعدوه وما زال التحقيق مستمرا وسيتم كشف المزيد من الثغرات والمتورطين.
وزير الصحة سارع بعد وقوع الفاجعة التي أودت بحياة سبعة أبرياء نتيجة نفاد الأوكسجين من مشفى السلط، إلى تقديم استقالته ووضعها في تصرف رئيس الوزراء، وتحمل كامل المسؤولية الأدبية والأخلاقية بكون المنشأة الصحية تقع ضمن صلاحياته لتشكل خامس استقالة لوزراء شاركوا في حكومة الخصاونة.
ما جرى أمس في المشفى غير اعتيادي حيث أدلى خبراء بآرائهم عبر محطات التلفزة، كشفوا فيها أنه في كل مشفى يوجد خزانان رئيسي وآخر احتياط، يحويان كميات كبيرة من الأوكسجين وأجهزة إنذار صوتية ومرئية تُفعّل أوتوماتيكيا لينبئ بتدني مستوى الأوكسجين، إضافة إلى السلندرات والعبوات الاحتياطية كإجراء احترازي لاتخاذ ما يلزم من تدابير فنية، إلا أنها أيا منها لم يقرع أو يعمل.!!!
الفاجعة التي وقعت عرّت النظام الإداري، وكشفت حجم اللاأبالية والترهل ليس في القطاع الصحي وحسب، بل تعدتها إلى قطاعات أخرى، وبدأت تتكشف في القطاع الصحي حين وُضع على المحك في مواجهة جائحة تفشت بين المواطنين، ما يستدعي إجراء مراجعة شاملة تعيد الألق إلى القطاع الصحي وبقية القطاعات.
ما زلنا نفتقر إلى أصول العمل المؤسسي ونعمل وفق ردات الفعل، لنبدأ في البحث عن حلول شكلية بعد أن يقع المحظور وتقديم اعتذارات لا تسمن ولا تغني، إذ لا يكفي أن تعلن الحكومة مسؤوليتها عن الحادثة، فتغيير الوجوه وتقديم الاستقالات ليس حلا بمقدار الحاجة إلى وضع خلطة سحرية تعالج كل أوجه القصور والثغرات التي تسللت إلى نظامنا الإداري الذي يعاني ترهلا لم يسبق له مثيل، وتحدث ثورة بيضاء في عالم الإدارة الأردنية.
الحكومة اعترفت على لسان رئيسها بتحمل مسؤوليتها الكاملة عن الحادثة الأليمة تشكلت صدمة قضّت مضاجع الأردنيين، لكن هل هذا هو الحل؟ على المختصين في علم الإدارة أن يضعوا خبراتهم تحت تصرف الحكومة"أية حكومة" وينبروا إلى تقديم حلول عملية وخطة عمل نتفادى فيها كل أوجه القصور والترهل شريطة عدم وضعها في الأدراج.