وقعت فاجعة مستشفى السلط على الأردنيين كالصاعقة وأدمت قلوب الجميع وأوجعتها؛ فالرحمة للمرضى الشهداء السبعة الذين قضوا كنتيجة لنقص الأكسجين وعزاؤنا لأهل الضحايا فالمصاب جلل على كل الأردنيين؛ مما جعل كافة أركان الدولة في حالة إستنفار كاملة للوقوف على الأسباب والمسببات والدروس المستفادة وأدوات وآليات المساءلة وغيرها؛ فوقف جلالة الملك إلى جانب أهل الضحايا مواسياً ومحاسباً؛ وشكلت الحكومة لجان تحقيق قضائية وتابع المدعين العامين عن كثب تفاصيل الأمور؛ وكانت النتيجة إقالة وزير الصحة وحبس سبعة من كوادر وزارة الصحة مدير المستشفى ومساعديه وبعض طواقمه؛ لكن للأمانة هنالك حديث يجب أن يقال هنا للتأكيد على المساءلة:
١. نشاطر السلط الشماء والأردنيين كافة المصاب الجلل؛ ونضرع إلى الله تعالى أن يحتسب الشهداء السبعة في عليين مع الصديقين والصالحين والأنبياء؛ ويصبّر الأهل جميعاً؛ فرحمة الله على الجميع فهم ضحايا الإهمال والمحسوبيات وعدم القيام بالواجب.
٢. وقفة جلالة الملك وغضبه من الفاجعة كانت فخراً للأردنيين حيث متابعة جلالته الحثيثة للوقوف على كل مفاصل القضية؛ ومحاسبة المقصرين ومساءلتهم وإستلهام الدروس المستفادة من الحدث؛ وتوجيه الحكومة صوب العمل على إستكمال وإنفاذ متطلبات المستشفى والقطاع الطبي.
٣. التقصير وأسباب ومسببات الفاجعة سيقرها المحققون والقضاء على مختلف المستويات؛ لكنها تتركز في إدارة المستشفى والعاملين بها تحديداً؛ فهم من يتابع التزويد والمخزون الإستراتيجية من الغازات الطبية وأجهزة التنفس وغيرها؛ وهم من يدير العمل اليومي لضمان سلامة المرضى؛ وهم القوى البشرية التي تشغّل الأنظمة الكهربائية والميكانيكية والطبية وغيرها؛ وبالتالي هم الأولى بالمساءلة قبل كل الناس؛ فالوزير أو رئيس الوزراء ليس فوق رؤوسهم لمتابعة عملهم اليومي وهم غير مسؤولين عن أخطاءهم.
٤. ليس من واجب معالي وزير الصحة بأن يراقب عمل كل موظف في وزارته؛ لأن هذا واجب الموظف نفسه ومسؤوليه في الميدان من مدير مستشفى وحاكمية فيها؛ ولهذا فإنه من الظلم توجيه اللوم للوزير في حال تقصير أي موظف؛ إلا بما يخص مبادرة الوزير نفسه في مسألة المسؤولية الأدبية؛ فليس من واجب الوزير التفتيش على أسطوانات الغاز في المستشفيات لأن ذلك من صلب عمل إدارة المستشفى.
٥. معالي الدكتور نذير عبيدات -وبتجرد وبصرف النظر عن درجة القربى والعلاقة بيننا- قامة وطنية مخلصة للوطن وقيادته الهاشمية وعمل بكل ما أوتي من قوة لرفعة وزارة الصحة والعاملين فيها ومرافقها وبناها التحتية في ظل ظروف ليست بالسهلة والتمويل فيها شحيح جداً؛ وكان خط الدفاع الأول في مواجهة كورونا؛ وكان نشيطاً جداً في متابعة الأمور ميدانياً من عقربا حتى العقبة؛ ولهذا فإن ما حدث له للأمانة لا يستحقه بل يستحق أن يشكر على ما قدّم للوطن كنموذج شريف ونظيف ومخلص ومتابع.
٦. للأمانة في عهد الدكتور نذير عبيدات لمسنا تطوراً ملموساً في عمل وزارة الصحة من حيث إنشاء المستشفيات الميدانية لمحاربة كورونا؛ وكذلك التعاقد على دفعات لا بأس بها من مطعوم كورونا؛ وغيرها الكثير بالرغم من الورثة الثقيلة التي تعاني منها الوزارة تراكمياً في قضايا كثيرة في البنى التحتية والفوقية والتشغيل والتزويد وغيرها.
٧. نؤيد وبقوة مساءلة كوادر المستشفى وحاكميتهم؛ ونؤيد بالمقابل تكريم المخلصين والشرفاء من كوادر وزارة الصحة؛ فأمر جلالة الملك بذلك ريّح الكثير من الأردنيين على هذا المصاب؛فهم الأساس بالمساءلة ليكونوا نماذج تحتذى لغيرهم ممن سيتم مساءلته في هذه الفاجعة الجلل التي جعلت كل الناس يتأثرون على الإصابات؛ وليكونوا عبرة لمن اعتبر.
٨. كوادر وزارة الصحة وبناها التحتية والفوقية وحاكميتها بحاجة ماسة لتغييرات جذرية كنتيجة لحمولة ثقيلة وتركة صعبة تحتاج للمزيد من الدعم؛ فكورونا ليست الوحيدة التي تدير ملفاتها وزارة الصحة.
٩. كثيرون يشعرون بأن وزير الصحة وللصفات المحترمة التي يتمتع بها لا يستحق أن يكون لقمة سائغة في أفواه أناس يسقطون ما بداخلهم من كراهية، فهو وقع ضحية عدم الثقة الشعبية المتراكمة بالحكومات المتعاقبة.
بصراحة: أرواح الأردنيين ليست رخيصة البتة؛ وما انتصار جلالة الملك لشهداء كورونا إلا شاهد على ذلك؛ ومساءلة الكوادر الطبية في مستشفى السلط على مستوى الإدارة والفنيين والعاملين في ضرورة؛ ونحتاج لبناء معايير وأسس صارمة وشفافة لآليات الإبقاء على الوزراء أو إقالتهم.
صباح الوطن الجميل