زيارة الملك وولي العهد اليوم سابقين وهارعين بغضب وسخط، الى موقع الحدث (الجريمة) في مستشفى السلط الجديد، مكان وموقع كارثة وفاة سبعة مواطنين جراء انقطاع الاكسجين عنهم، واتخاذ قراره بإقالة مدير المستشفى وقبله وزير الصحة سابقا رئيس الوزراء وطاقمه، تحسب للملك وتؤخذ على الرئيس، والذي نعرفه انه اكثر نجدة وشدة ومسؤولية وحرص وصرامة من سابقيه.. وأظن أن الرئيس لم يهب لموقع الحدث، وارجو ان اكون مخطئا، بل سمعنا انه يعقد مجلسه للتباحث في امر المصاب الجلل، فأي حدث اكبر من هذا يستحق الهروع اليه على اعلى مستويات الدولة؟ وأي شيء اغلى وأكرم من الانسان وحياته على الحكومات الاردنية ورؤسائها فيهبون ويخفون لموقع الحدث الكارثة والمصيبة؟؟

وكيف يسبق الملك رئيس وزراءه فيقيل الوزير والمدير..وهل تكفي الاقالة؟؟

فكما أن مالا يتم الواجب الا به فهو واجب ..وكذلك أي أداة لا يتم استمرار الحياة الا بها فهي ضرورة واجبة، وان من يحول دون وصولها للمريض او الصحيح يعتبر قاتل بقصد او بعمد وهي جناية وجريمة.. ويجب ان يعامل المجرم بالمثل والعين.. فيقاد منه ويقاصص فيقتل.. الشهادة والجنة والرحمة للقتلى المظلومين والقصاص للقتلة والعزاء لذويهم والوطن.

لقد تكلم وصرخ الكثيرين من الشهود وعائلات المرضى عن شكاوى واستغاثات سابقة لإغاثة المرضى ونجدتهم الا ان احدا لم يلتفت لهذه النداءات والتي اخرها صباح اليوم.. اذ روى احدهم انه هاتف مدير المستشفى لإبلاغه بانقطاع الاكسجين عن المرضى وبعد طول عناء اجابه مدير المستشفى ان الخبر غير صحيح (وانك غايب فيلة).

ثم استنجد هذا وصحبه بالأهالي الذين هبوا باسطواناتهم وكذلك الدفاع المدني الذي هب مع اسطوانات الاكسجين بعد وفاة العشرات حسب شهود عيان.

كارثة اخرى تفجع المجتمع الاردني وتنفجر بوجه المسؤولين صارخة ومدوية تنذر بسوء وفساد الادارات الحكومية واستهتارها بحياة الاردنيين.. وفيات بالجملة بسبب استهتار المسؤولين بأرواح الاردنيين.. لقد بلغ السيل الزبى.

لقد غضب الملك وهب للمستشفى وبدا الانفعال عليه والسخط.

لقد كتبنا بهذا وحوله كثيرا حول ازمة صحية متغلغلة في وزارة الصحة قبل وبعد كورونا ونبهنا سابقا ان يكون تركيز على الامور الصحية والادارية والفنية والالتفات الى باقي الامور الاخرى غير كورونا ولكن ليس هناك من ادكر ولا التفت.

لا استثني مجلس النواب من المسؤولية الرقابية ومتابعة مشكلات ومعاناة المواطنين وهم شركاء بالمسؤولية عن تراكم الاخطاء وتفاقمها وعليهم ان يعملوا بأمانة واخلاص للحفاظ على حياة المواطنين ومقدرات ومرافق الامة وبالذات قطاع الصحة والتربية.

اذا ابتلي الناس بصحتهم وغذائهم ودوائهم واصبحوا غير امنين في سربهم واسرهم بالإضافة لجثو للبطالة فوق الصدور وضيق ذات اليد وتعطل الاعمال ونقص في الاموال بفساد المسؤولين، وبالأنفس بإهمال وتقصير الادارات والمعنيين، فعندها لا كرامة ولا عزة نفس تبقى .. وهنا يصبح المرء فاقدا لأغلى ما يملك، ابنائه وامواله وصحته وقوت يومه.

وعندها فليس لديه ما يخشى فقدانه ..فلا يلام اذا خرج عن صمته وحلمه واعلن غضبه. علما بأن الاردنيين من اعقل الشعوب واكرمها واصبرها على الجوع والفقر والمرض، واوفاها لقيادتها، ما داموا يحسون بمن يهتم ويقدر ويحفظ لهم ذلك.

فلا تدفعوا بهم لتلك المرحلة ولا تزجوهم لنقطة اللاعودة فإنهم كرام واصحاب مروءات وشيم عتيدة، وما زال هناك وقت للتراجع وتضميد الجراح ولملمة الموقف والانتصار للأردن وأهله.

فليضرب الملك بيد من حديد وليدحرج رؤوس عفنة وفاسدة بلا رحمة ولا هوادة لكي يبقى الوطن فوق تلك الرؤوس عزيزا منيعا شامخاً.