facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




الدون كيشوتيون وحرب الكورونا


د. ثابت النابلسي
11-03-2021 12:23 AM

يا لروعة الرويات الخالدة، تلهمنا دوما رغم اختلاف الازمان والأزمات والبشر، لقد جسدت رواية «دون كيشوت « مرحلة مهمه في تاريخ البشرية بسردية هزلية ممتعة تستحضر تاريخ الشخصية النبيلة والفروسية بقيمها في ظل حضور الثورة الانقلابية على الواقع وظهور العقلانية والتنوير في بدايات القرن السابع عشر حيث كانت أوروبا تخرج من السيطرة التقليدية التى جعلتها تقبع تحت وطأة عصور الظلام، لقد ظهر في تلك الفترة عدد من المفكرين امثال ديكارت ومقولته «أنا افكر إذا أنا موجود « وغيره أمثال الفيلسوف الإنجليزي «جون لوك» الذي تناول في مؤلفاته « مقاله في الفهم الإنساني « و» العقل البشري « وكان ذلك ردا على ما جاء به الفيلسوف الفرنسى ديكارت.

وفي هذا المناخ الفكري الذي ساد في عصر التنوير الأوروبي كان الروائي الإسباني الشهير «ميخائيل دي سرفانتس» يفكر في صياغة شخصيته الخيالية ضمن رواية تجسد شخصية في اندفاعاتها العاطفية وتخييلاتها وتوهماتها الغير عقلانية وهوسها بأدب الفروسية وأخلاقه البائدة، وستجسد القطيعة المعرفية مع التصورات الغيبية القديمة للعالم التي أنجزها التنوير الأوروبي؛ حيث كانت تلك الشخصية لا تزال تتمثل في العالم بصورته السحرية غير العقلانية.

تطل علينا هذه الرواية بشخصية « دون كيشوت « هذا الفارس الطويل الهزيل الجسد يمتطي صهوة جواد ضعيف وهزيل، يتدرع لباس الفرسان بوخذته ودرعه المعدني وسيفٍ مصقول، ويرسم في مخيلته شخصيات وهمية تعيش في عالمه الخيالي.

ثم يبحث عن عدوه الذي يجب أن ينتصر عليه، فمن تخيلات لوجود العمالقة وصولًا لاعتقاده بان طواحين الهواء شياطين بأذرع كبيرة، ليهاجم طاحونة الهواء غارسا رمحه فيها ليعلق بها وترفعه عاليا فيسقط من ارتفاع شاهق وترتض عظامه ويتهشم ما تهشم منه، هكذا يستمر هذا الفارس الحالم من معركة الى اخرى مسببا لنفسة الاذى و خسارة تلو الاخرى.

لقد أراد سرفانتس من خلال نصه الروائي كما ذكر في مستهلّ روايته «تحطيم سلطان روايات الفروسية -التي أكل عليها الدهر وشرب- ومنع انتشارها في المجتمع الراقي وبين أوساط الناس البسيطة.

ان هذا الموروث الأدبي أصبح أكثر من مجرد رواية تصف مرحله، بل تم نشر الرواية عالميا، فهي مصدر يجد فيه البعض توصيفًا للواقع ويظهر دون كيشوت كرمز يدل على الفوات والغفلة كما تعيش كثير من الدول الان.

كثيرون من يعتقدون انهم فرسان المرحلة، نحن اليوم امام جيش « الدون كيشوتيون « يحاربون عدوهم الخيالي ولا يمكن ردعهم فهذه مشكلة حقيقية تحتاج منا جميعًا مواجهة كل الغافلين عن الواقع وإيقاظ الجميع، ليدق ناقوس الخطر قبل فوات الاوان، انقذوا الشباب والشابات قبل ان نفقد البوصلة ولا رادع حينها اذا وقعت الواقعة.

(الدستور)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :