هل يقبل العراقيون بالتقسيم ؟
حازم مبيضين
16-06-2007 03:00 AM
مرة ثانية وقبل يومين من البدء بخطة إعماره ، يستهدف الارهاب مرقد الامامين العسكريين في سامراء وبما يمكن اعتباره امتدادا للمساعي الرامية لإيقاع الفتنة بين أبناء الطائفتين السنية والشيعية وإيجاد شرخ في ما تبقى من الوحدة الوطنية والذهاب بالعراق بعيدا في أتون الحرب الأهلية المستعرة منذ التفجير الأول للمقامين.فور اعلان النبأ تناثرت الإتهامات من الجميع ضد الجميع .. فالحكومة اتهمت القاعدة والصداميين معتبرة أن ذلك يأتي ردا على ما تعتبره نجاحا في تطبيق خطة فرض القانون ونجاحات المصالحة الوطنية. لكن المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني الذي دعا أبناء الشعب العراقي للهدوء وعدم الانجرار وراء الفتنه اعلن غضبه من الحكومة ومن التلكؤ في القيام بواجبها في حماية المرقد .وعلقت الكتلة الصدرية عضويتها في مجلس النواب بسبب ما اسمته تقصير الحكومة لكنها دعت الشعب العراقي إلى ضبط النفس والتهدئة ، في حين حملت هيئة علماء المسلمين السنية المناوئة للعملية السياسية الأجهزة والقوات الحكومية مسؤولية التورط في الجريمة مذكرة بان تفجير المئذنتين وقع بطريقة تشبه تماماً ما حصل للقبة الذهبية قبل أكثر من عام وهو ما اعتبرته هذه الهيئة دليلا على تورط الأجهزة والقوات الحكومية ووجد عدد من التنظيمات المناهضه لحكومة المالكي في الجريمة فرصة للمطالبة برحيلها في حين سعت تنظيمات اخرى إلى إلصاق التهمة ببعض دول الجوار باعتبارها مؤيدة لعودة الطائفة السنية الى حكم العراق.
رئيس الجمهورية أدان الجريمة كما أدان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بأقوى العبارات الممكنة الهجوم الدنس ووصفه بالجريمة النكراء والشريرة والبشعة ، وفرض نظام منع التجول في بغداد والبصره وانتشر مغاوير الداخلية قرب المساجد والحسينيات لكن ذلك لم يمنع احراق العديد من المساجد السنية فيما بدا أنها هجمات انتقامية في حين قام ( مجهولون ) بتفجير مرقد الإمام علي بن موسى الكاظم شمال مدينة بعقوبة.
ولم تتوقف تداعيات جريمة التفجير عند الحدود العراقية إذ تجاوزتها إلى دول الجوار المعنية بالشأن العراقي فصدرت الادانات المتتاليه من الاردن الذي اعتبر على لسان مليكه وقائده ان التفجير اساءة بالغة لكل المسلمين على اختلاف مذاهبهم ووصفته البحرين بالعمل الارهابي الجبان ووصفته القاهرة بالعمل الاجرامي واستنكرته دولة الامارات العربية باعتباره جريمة ضد الاسلام والانسانية.وادانته قطر وباكستان والكويت ودعا الرئيس الاميركي جورج بوش العراقيين الى عدم الانسياق وراء الثأر وكذلك فعل الامين العام للامم المتحده كما شجبه مجلس الامن الدولي باقسى العبارات ودعا العراقيين الى التحلي بضبط النفس ورفض الاستفزاز كما دانته الرئاسة الالمانية للاتحاد الاوروبي ومن جانبه أدان الرئيس الايراني التفجير وبدا أنه يحمل القوات الامريكية المسؤولية.وهو ما فعله ايضا السيد مقتدى الصدر .
واذا كانت المصادر العسكرية الاميركية تعلن امتلاك السلطات العراقية أدلة تفيدئأن تفجير مئذنتي المسجد عمل داخلي، اعتقل على اثره 15 من عناصر الأمن العراقي. فان السؤال المطلوب الإجابة عنه هو من أرسل قوة الحماية هذه قبل يوم من تفجير المرقد ولماذا أصلا استبدلت قوة الحماية السابقة ؟.
إلى أين يوصلنا كل هذا ؟ في ظل تراشق الاتهامات بين جميع الفرقاء على الساحة العراقيه والشروع بعمليات انتقامية يشنها بعض المتهورين على أماكن العبادة المقدسة وفي ظل المخاوف المشروعة لدى ابناء الشعب العراقي من تصاعد أعمال العنف العشوائي التي تضرب العراق ذات اليمين وذات الشمال . وجواب تساؤلي واضح كل الوضوح ، إن المطلوب أن يقودنا هذا إلى الاقتناع باستحالة التعايش بين أبناء بلاد الرافدين وأن الأفضل للجميع يكمن في تقسيم العراق الذي عاش موحدا منذ انعم الله عليه بالاسلام دينا نقيا صافيا متسامحا طاهرا يسعى الجهلاء اليوم إلى تحويله إلى دين للفرقة والكراهية والبغضاء بين أتباعه. فهل يقبل العراقيون بذلك سواء أكانوا متدينين او لم يكونوا .