لم يعد مقبولا أن يظهر المتحدثون على شاشات التلفزة ويقدمون أنموذج المسؤول المرتجف، فالشفافية والمكاشفة أمران في غاية الأهمية يشدان من أزر المسؤول ويجعلانه أكثر ثقة وتمكنا وإقناعا في مخاطبة الرأي العام، الذي يمتاز بالذكاء ويميز بين المسؤول الفطن والمتردد الذي يحاول الالتفاف على الواقع ويطلق وعودا لا يتقبلها العقل أو المنطق.

الإطلالة الأولى لوزير الدولة لشؤون الإعلام صخر دودين على فضائية المملكة جاءت نوعية وناجحة بكل المقاييس، وتميزت بالأريحية والصراحة المطلقة من جانب الضيف التي يتوق إليها المتلقي عبر تصريحات أقل ما يمكن وصفها بالعفوية والصدقية، وبأريحية نأمل أن لا تكون عابرة ويتيمة وأن تشكل نهجا حكوميا لا مجرد حالة خاصة أملتها استقالات لوزير أو لمسؤول في وزارة الصحة.

البعض نظر إلى تسلم حقيبة الإعلام إلى رجل من خارج الوسط الإعلامي بعين السخط وعدم الرضا، واعتبرها البعض خروج عن النهج التقليدي في الابتعاد عن التخصص وتناسوا أن الحقيبة الوزارية هي سياسية في المقام الأول، وليس بالضرورة أن يكون شاغلها مختصا في حقل وزارته والشواهد كثيرة لا مجال لحصرها، وأهمية التخصص تكمن في قيادات الصف الثاني الذين يغرقون بتفاصيل العمل الفني والمهني.

البلاد وصلت إلى حافة الخطر لجهة عدد الإصابات بالفايروس المتحور وبمعدل وفيات مقلق، ما يستدعي حالة استنفار شعبية ورسمية لجهة زيادة أهمية الوعي المجتمعي والتزامه التام بالقواعد الصحية، التي تشكل خط دفاع للحد من انتشار الوباء ومحاصرته، وعلى الجانب الرسمي أن يسعى بكل قوته من أجل تأمين كميات من المطاعيم الكافية لتحصين المواطنين من خطر هذا الوباء، والتشدد في إجراءاتها الاحترازية الذكية والمرنة للموازنة بين الاقتصاد والصحة.

الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في مواجهة خطر انتشار الوباء تبعث على الارتياح، ويحتم عليها أن تسارع إلى اقتناص الفرصة وتوفير اللقاح الذي ما زال استيراده شحيحا لأسباب غير معروفة، ومدعوة مع تزايد أعداد الإصابات إلى وضع هذا الملف الحيوي على طاولة الحوار، لتجاوز الأخطاء ومراجعة إجراءاتها بهذا الشأن الذي بات ملحا وضرورة قصوى لا مجال لتجاوزها أو الاستمرار في الحديث عن طلب كميات لا نراها على أرض الواقع.

بالقدر الذي تنجح فيه مؤسسات الدولة في توفير كميات كافية من اللقاح، بمقدار ما ستنجح في مهمتها بإحداث نقلة نوعية في الملف الصحي وإعادة الحياة تدريجيا الى طبيعتها.