الإعلام ما بين الانقسام والاستسلام !
د. عادل محمد القطاونة
08-03-2021 12:32 AM
لقد بات الإعلامُ في جانبٍ منه مثاراً للجدل والفشل، إعلاماً مبنياً على نقل الخبر وليس البحث عن أصل الخبر، إعلاماً قائماً على نسخ الخبر من مواقع منافسة أو صفحات مارقة، إعلاماً باحثاً عن انقسام شعبي أو استسلام كلامي، إعلاماً روج للدواء على أنه الداء، وللعقار أنه الدمار! أضاف إليه بعض الإعلام المبني على مواقع التواصل الاجتماعي جانباً من الكلل والملل، فانغمست المصداقية في إناء الأنانية والموضوعية مع زوايا الكراهية والاحترافية تلاشت مع الإتكالية فغدى الإعلامُ مُبهماً والخبرُ تائهاً والمتابعُ حائراً !
ما بينَ تصريحٍ إعلامي ملغوم وآخر مفهوم، موقع إخباري مرجوف وموقع معروف، وما بين إعلامي منجرف وإعلامي محترف، موضوع إعلامي دَسم وآخر هَرِم، وما بين انتقائيٍ للمواضيع وانتقاديٍ للجميع، إيجابيٍ بالأفكار وسلبيٍ بالإصرار؛ يتساءلُ البعض عن فحوى التصريحات وجدوى التلميحات، حقيقةِ البيانات وخطيئة الاجتهادات، فضيلة الكلمات ورعونة الاتهامات، منهجية اللقاءات ومزاجية المعلومات!
تشيرُ بعضُ الإحصائيات غير الرسمية إلى أنّ العالم يضم في جعبته الملايين من الإعلاميين، كما تشير البيانات إلى أن الجانب السياسي هو الأكثر استحواذاً في التغطية؛ فالسياسة كانت ولا زالت ميداناً خصباً للحديث من متعلمٍ وغير متعلم، من واقعيٍ وهوائي، رافق ذلك كثرةٌ في الاجتهادات وتفشي للإشاعات وخصوصاً في الدول النامية التي تتسارع فيها الأخبارُ الكاذبة والإشاعات العابرة، والتي استطاعات خلال السنوات الماضية من قلب الحقائق وتزوير الوثائق في رغبة واضحة من البعض لاجتذابِ الأضواء وتحقيقِ الاسترضاء.
لقد ساهمت بعضُ الأقلامِ الموتورة والكتابات المأجورة في ضعف الدلالات الموضوعية، وتهميش الإشاراتِ السياسية والاقتصادية، بعيداً عن توخي الدقة في المفاهيم والتفاصيل سواءً الكلامي أو الرقمي منها، من أجل الخروج بنموذج فكري متكامل يحاكي الواقع ويخاطب المستقبل وصولاً للغة مشتركة في عالم الإعلام والأعمال بعيداً عن الاجتهادات والإساءات الموجهة لدولة على حساب دولة أو لجماعة على حساب جماعة.
إن زيادة الشفافية والبعد عن السطحية أصبح اليوم مطلباً حيوياً لا يحتمل الكتم أو النسيان، يستلزم من الأطراف ذات العلاقة تحليل ما وراء الأقلام وصولاً لإعلامٍ عالم وليس إعلام عامل، إعلامٍ يبحث عن الدقة في الخبر والموضوعية في الحدث بعيداً عن المهاترات والمفاجآت.
أخيراً وليس آخراً فقد بات الإعلام سلاحاً فتاكاً يعصف في الدول ضارباً بعداً سياسياً تارة واقتصادياً تارة اخرى، وبين سياسي واقتصادي، اجتماعي وثقافي بات المواطن أكثر حاجة في قراءة المعلومات الصحيحة بعيداً عن الإشاعات والمزايدات، المفارقات والتناقضات التي استنزفت اقتصاديات الدول وتلاعبت في عقول البشر لتحقيق رغبة جامحة في الوصول إلى المقر وصولاً إلى أقلام نظيفة و أفكار عميقة تعيد التنظيم الفكري وتغذي العقل البشري في المعلومات الأكيدة والأخبار المفيدة.