بدا سمو ولي العهد واثقاً، قادراً، وملماً، ذا رؤية بالملفات الوطنية، يشق طريقه بكفاءة وعزيمة نحو تحمل المسؤوليات الكبرى للدولة وهي تبحر نحو المئوية الثانية. المقابلة الأولى من نوعها لسمو ولي العهد حظيت بمتابعة كثيفة من قبل الأردنيين، الشغوفين للاستماع لولي عهد بلادهم، وقد كانت مقابلة موفقة بكل تفاصيلها؛ من اختيار المنبر- التلفزيون الأردني الرسمي البعيد عن سلبيات التنافسيات الإعلامية، لاختيار أجندة الحوار التي اتسمت بالشمولية لم تخل من اللمسات الشخصية عن سمو الأمير، ثم من اختيار للمحاور، وهو الإعلامي القدير الصديق أنس المجالي. شاهد الأردنيون على مدى عشرين دقيقة ولي العهد يتحدث بالشأنين الوطني والخارجي، بروحية القيم والثوابت الأردنية، ملما بالتحديات التي واجهت وتواجه الأردن، كما الفرص الكامنة أمامه، يقف على يمين الملك المعظم يسانده في الذود عن الوطن ومصالحه، وبناء مستقبل أفضل للأردنيات والأردنيين.
لقد وضع جلالة الملك عبدالله اهتمامه في تمكين ولاية العهد، وبناء مؤسسية دولة تترسخ فيها القدرة على العمل والإسناد، وبتنا الآن نقطف ثمار ذلك، وبكثير من الفخر والطمأنينة يتابع الأردنيون إبحار ولي العهد على طريق البناء الوطني، والإسناد لجلالة الملك المعظم. الملك عبدالله الثاني، الزعيم العربي الأقدم، خاض من التحديات ما شاب لأجله الرأس، وقد انطبقت عليه حرفيا حكمة أن الربان الماهر نتاج للإبحار في المحيطات المتلاطمة، وما أهوج ولا أعتى من أمواج الشرق الأوسط، التي أبحر بها جلالة الملك ونجا بالأردن فيما غرق آخرون. يضع جلالة الملك خلاصة خبرته الثرية كأقدم زعيم عربي ويكرسها لتهيئة نجله الأمير الحسين لقيادة ولاية العهد، فتشتد قوة وصلابة هذه المؤسسية الأردنية التي تعني للأردنيين الاستمرارية والطمأنينة والديمومة.
معان كثيرة وعميقة تلك التي تناولها سمو ولي العهد في مقابلته، ربما أكثرها لفتاً للانتباه؛ اعتزازه وتعلمه الحزم والعطف والحكمة والقيادة من جلالة الملك عبدالله الثاني ومن جده الراحل العظيم الحسين. كما كان لافتاً هذا الكم الكبير من الإيمان بالمستقبل وبموارد البلد البشرية، وقدرات شبابه الإبداعية، في رؤية واضحة عن مكامن قوة البلد، ومستقبله الذي يؤكد سمو ولي العهد تفاؤله وإيمانه به. كما أفرح الأردنيين اعتزاز ولي العهد بجنديته كملازم أول في الجيش العربي مع رفاق السلاح من كل بقاع الأردن، فالأردنيون يعلمون أن الجيش هو التعبير الأدق عن الأردن وشيمه وثوابته، وهو موطن الرجال الشرفاء، والقيم الوطنية الحقة، وهو قرة عين الملك عبدالله ومصدر اعتزازه وسعادته، يفخر أنه جزء من قصة الجيش العربي القومية والدينية والتاريخية.
في قيمنا السياسية والاجتماعية، هيبة الملك وولي العهد من هيبة الأردن والأردنيين، لذلك نعليها ونكبرها، ونحن نعلم أن من لا كبير له ضاع حقه وتبخر اعتزازه وبددت كرامته. الملك وولي عهده هم كبارنا، والاحتفاء بهذه القيم من شيم الأردنيين، يكبرون الملك وولي عهده، لأنهم مظلة الجميع وكبارهم، وحماة الدستور، والذائدون عن القيم، وصمام الأمان، وعناوين الأمن والطمأنينة والاستمرارية.
(الغد)