اللحظات التاريخية لا تكتب بأقلام المؤرخين فقط بل تسهم بالأحداث، الفاعلون الذين يشاركون الاحداث ويشاهدونها وهناك من يكتبوها ،تحتاج الحوادث والروايات والمذكرات واللقاءات الى تثبيتات معينة وتنقل بصدق لتبقى كلمة ووثيقة تحفظ للتاريخ والوطن ،في عام 1966م كان الحسين شاباً يافعاً ولكنه كانت تلاطمه الامواج من جميع الجهات من مؤامرات وقصص بلغت حد الدهاء والمكر ولكنه تمكن من عبور اشد العقود حرجاً بحنكته السياسية وذكائه رغم صغر سنه في ذلك الوقت . ولكنه استطاع ان ينهض بالاردن بأعلى مستوياته وهذا ما وجدته بفكره من خلال حديث أدلى به جلالة الملك المعظم الى مراسل جريدة كريستيان سيانس مونيتور (Christian Science monitor) وهي منظمة اخبارية تأسست عام 1908م في الولايات المتحدة في بوسطن واشرف على تأسيسها ماري بيكر وكانت هدفها عدم الاذى لأي انسان واحتضان البشرية ولكنها ليست دينية .وهذه هي الترجمة:
بالحديث الصحفي التالي ترجمة خاصة لأجوبة على أسئلة مراسل الصحيفة المذكورة وفيما يلي نص الاجوبة والاسئلة :
ما هي اهم الانجازات في رأي جلالتكم التي حققها الاردن في تنمية اقتصاده خلال العقدين الاخيرين وما هي المشاكل التي تقومون بالتركيز عبى ايجاد حلول لها في السنوات القادمة ؟
ج- لم نقم بانجاز واحد بمفرده حتى التكلم عنه بشكل خاص ،ولكن الاردن يتقدم في ميادين الاقتصاد عامة وبشكل واسع فنحن ننفذ مشروع السبع سنوات للتنمية الاقتصادية الذي وضعه خبراؤنا وخبراء اخرين من جميع انحاء العالم وسنكون عند انتهاء منشأة المشروع في اوائل السبعينات قد وصلنا الى ما يكن وصفه بالاكتفاء الذاتي نحو حياة افضل للجميع لقد ركزنا جهودنا في ميادين وقطاعات مختلفة ،ونحن نطور مواردنا الطبيعية كالفوسفات ونعمل ايضاً لاستخراج البوتاس ومعادن اخرى وقد تقدمنا كثيراً في ميادين الزراعة في وادي الاردن ،واماكن متعددة من البلاد ونقوم بدراسات في غاية العمق والاتقان للكشف عن مواردنا المائية وعن احسن السبل لاستغلالها وقد قطعنا مرحلة مهمة في هذا المجال.
وقد ركزنا جهوداً كبيرة على المواصلات باشكالها المختلفة ، وقد اصبحت كاملة تقريباً اذ اخذناها بعين الاعتبار كمجموعة ولدينا الان شبكة من الطرق الممتازة .وركزنا جهوداً كبيرة في التعليم وهنا بذلنا ما نستطيع لنعطي جميع أبناء وبنات الاردن السلاح الذي يحتاجون اليه لمواجهة المستقبل بثقة وليحصلوا على حياة افضل.
ولم تقتصر جهودنا كشعب على الاردن ولكنها شملت المنطقة بأسرها ويغادر كثير من الفتيان والفتيات كل عام الى العالم العربي كفنيين ومعلمين وخبراء ،ليضمنوا لأنفسهم ولغيرهم من اشقائهم حياة افضل.
(مقدسات يملكها كل المؤمنين)وعملنا الكثير في ميدان السياحة .. فعندنا في الاردن كنوز من المقدسات والآثار ففي القدس وبيت لحم مقدسات نرى انها ملك لجميع الذين يؤمنون بالله ،وليست لنا وحدنا ،ويسرنا ان نرى الكثيرين يأتون لرؤيتها والتمتع بمشاهدتها كما نتمتع نحن .ونعتقد بأن السياحة ستزداد كثيراً في المستقبل .ولذلك ندخل التحسينات كثيرة على الاماكن التاريخية والمنتجعات السياحية كالبحر الاحمر وخليج العقبة والحقيقة ان الناس الذين يأتون لزيارتنا لا يساعدوننا من ناحية مادية فحسب ولكنهم ايضاً يساعدوننا حينما يأتون بأنفسهم ليشاهدوا انجازاتنا ويعرفونا على حقيقتنا ،ويستطيعواسد الثغرة التي تفصل بيننا وبينهم بالتفاهم وهكذا نرى اننا باختصار نعمل في جميع الميادين.
(نعمل بخطة اقتصادية)
س- كانت بريطانيا والولايات المتحدة هما الدولتان اللتان قدمتا حتى الان المساعدة والتعاون للتنمية الاردن اقتصادياً وقد تبدل شكل هذا التعاون في المدة الاخيرة من مساعدة مباشرة الى قروض طويلة ومساعدات للتنمية ،فهل تعملون جلالتكم على ان يوسع الاردن تعاونه التجاري والاقتصادي ليشمل دولاً اخرى بما فيها المعسكر الاشتراكي؟
ج- نحن نعمل بموجب خطة اقتصادية ولنا بالفعل علاقات في ميدان التجارة والتبادل الاقتصادي وغيره مع الكثير من دول العالم ومن بينها دول من المعسكر الاشتراكي.
(الانفجار المسلح قائم )
س- يا صاحب الجلالة يستمر تدفق الاسلحة الى منطقة الشرق الاوسط من الخارج فماذا تعتقدون جلالتكم ان على الدول الكبرى عمله لتضمن السلام في الشرق الاوسط وماذا تستطيع الدول الكبرى والعرب ان يعملوا لحل قضية فلسطين وبذلك يزيلون هذا التهديد السلام في الشرق الاوسط؟
ج- انه لأمر مؤسف حقا ان تضيع موارده كبيرة كهذه في مجال التسليح ،كان يمكن ان نتفق لبناء مستقبل افضل لنا في هذه المنطقة ولكن المشكلة ،لسوء الحظ موجودة ما دامت قضية فلسطين على وضعها الحالي .وامكانيات الانفجار المسلحة قائمة ،ما دامت القضية لم تحل بشكل عرض على اساس العدالة والشرف .وهكذا فان علينا ان نستمر في اتباع الطريق الصعب وتسليح انفسنا ،وعلينا ان نبذل جهودنا للوصول الى مركز قوة يكون رادعا لاية محاولة عدوانية .ما دمنا لم نصل بعد الى هذه المرحلة فان علينا ان نسلح انفسنا لئلا نكون ضعفاء فنفسح المجال لغيرنا لينتهز الفرصة وفي نفس الوقت ،بالنسبة للقضية نفسها فان علينا ان نصل الى مركز القوة المقابلة لا على الصعيد العسكري فحسب وانما في مجال العمل لشعوبنا لايصالها اجتماعيا ً وفي مختلف اوجه الحياة لمركز القوة المقابلة لتكون شعوبنا في مستوى التحدي الذي يواجهنا وعند ذلك تكون امامنا خطوة واحدة لكي نحسم القضية.
(مشكلة الصهيونية) ولا حاجة بنا للقول ان نظرة الى الماضي تظهر ان المشكلة هي مشكلة الصهيونية ،وهي مشكلة العدوان الذي سبب مأساة اضرت اكثر من مليون شخص لترك وطنهم ،وحرموا من حق تقرير المصير ويتوقعون من العالم ان يساعدهم على اخذ هذا الحق .. ان سجلات التاريخ تظهر انه كانت هنالك حركة توسيعية فقد كان العرب اكثرية في فلسطين تبلغ 90% من مجموع السكان وبالتدريج تغيرت الصورة وصرنا نتعرض للمزيد من الضغط كل يوم ونحن مصممون الان على وضع حد لهذا الامر ونأمل في ان نصل الى مركز القوة الذي يساعدنا على إيجاد حل عادل.
(جذورنا قطعا هي الاسلام)
س- ما هو الموقف الرسمي للأردن حول موضوع التقارب الاسلامي وهل تعتقدون بأن هذا التقارب سيأخذ شكل مؤتمر قمة كما اقترحت صوماليا والمملكة العربية السعودية او شكل حلف اسلامي رسمي كما تدعي بعض الدول الاشتراكية العربية ؟
ج- في الدرجة الاؤلى قررت مؤتمرات القمة العربية ومؤتمر القمة العربي الاخير خاصة الذي قرر طريقاً محدده للعمل ،ان يسعى جميع زعماء العرب ،وان يبذلوا كل ما في وسعهم لحل المشكلات القائمة فيما بينهم وبين الزعماء الاخرين في العالم الاسلامي والسعي للوصول الى تفاهم احسن والى التعاون في كل الميادين والمناطق وهناك ناحية اخرى ..وهي ان علينا ان نحفظ الكثير من ماضينا وثراتنا ان اردنا ان نبقى كلمة وجذورنا قطعا هي الاسلام ،ان مستقبلنا يجب ان يبنى على افضل ما نحتفظ به من ماضينا واحسن ما نستطيع اكتسابه من تجاربنا الحديثة وتجارب غيرنا في هذا العالم .واعتقد انه من الضروري والمحتم ان نتقارب وان نتبادل التجارب وان نعمل جنباً الى جنب لا في اقطار العالم الاسلامي فحسب وانما بالنسبة لجميع المؤمنين بالله واجبهم جميعاً ان يتقاربوا وان يصلوا الى درجة تتبع الواحد ان يفهم الآخر ليقابل التحدي الذي وضعته الحياة الحديثة في طريقهم وعلى اية حال فليس هناك على ما اعرف حلف اسلامي مقترح ولم يسبق لاحد ان حدثني عنه ولا علم لي بأن محاولات جرت لتأليف حلف ولكن هناك شعوراً حقيقياً بأن علينا ان نتقارب ونتكاثف في العالم الاسلامي كزعماء وقادة وشعوب وان نحل المشكلات التي تقف عائق بيننا ،وان نزيلها من طريقنا وان نعمل متضامنين للمستقبل الافضل الذي ننشده جميعاً.
(مواقف الاردن من سوريا)
س- يا صاحب الجلالة ،بعض زعماء أحدث محاولة للأنقلاب ضد النظام القائم في سوريا وهم موجودون الان في الاردن كضيوف عليكم ،ويعلنون ان سوريا في خطر الوقوع في قبضة الشيوعيين ،أو انها مدمرة بالاستعمار السوفيتي فما هو موقف الاردن من سوريا وهل تشكل سوريا خطراً على سلم الشرق الاوسط ؟
ج- الموقف في سوريا القطر العربي المجاور لنا ،يسبب قلقاً كبيراً ونحن نشعر بان من الضروري جداً ان يحل الاستقرار محل الفوضى لا في سوريا وحدها بل في المنطقة بمجموعها ونحس بوجوب تحويل كل طاقاتنا ومواردنا الى البناء، البناء بعمق وعلينا ان نتاكد من سد الثغرات المفتوحة في سوريا وغيرها لتسلل النفوذ الخارجي ،والى التهديدات الخارجية وانا اشعر فيما يتعلق بالشيوعية بأن هذه المنطقة كانت هدفاً ولا تزال هدفاً لها بسبب الموارد الموجودة هنا كالنفط وغيره التي يسبب حرمان الدول الاخرى منها ضربة شديدة لها.
وهي هدف لأن فيها طرقاً استراتيجية عديدة للمواصلات تمر فيها ،وانها هدف لانها نقطة قفز الى افريقيا ونحن نعرف ان في العالم دولاً لها مصالح في المنطقة ،ولكننا نشعر بأن من واجبنا نحن العرب نقوي قوانا وان نحمي شخصيتنا المستقلة وان نسد الثغرات وان نعمل على تحقيق ارادتنا بالنسبة لمصيرنا ووطنا ، ثم نسعى لكسب صداقة الجميع ويبدو اننا نجابه الان حالة جدية جدا في سوريا ولكننا نأمل في ان الشعب السوري سيستطيع ان يجد افضل الطرق للتغلب عليها.
والشيء الذي نتمناه في الحقيقة هو ان نجد جيراننا فنقدر على التعاون ونعمل معاً لنقيم عالمنا عربياً افضل يسعى اليه كل منا حيث وجدت الفوضى وحيثما وجد عدم الاستقرار فان هناك ثغرات قدرت الشيوعية على استغلالها وتظهر سوريا في الطرف الحاضر في موقف الخطر قد يتطور وتزداد خطورته وقد يسبب لنا المتاعب في المستقبل ولهذا نرقب الحالة باهتمام بالغ وسنفعل كل ما نستطيع لخدمة القومية العربية ،القومية العربية الصحيحة والدفاع عن انفسنا ضد هذه الاخطار.
(سنحول دون اي توسع اسرائيلي )
س- يا صاحب الجلالة هل يتدخل الاردن بصورة تلقائية للدفاع عن سوريا في حالة هجوم واسع تشنه اسرائيل عليها ،او ان الاردن يحدد موقفه بعد استشارة حكومات عربية أخرى؟
ج- سيبذل الاردن كل ما لديه فوراً للحيلولة دون اي توسع اسرائيلي جديد على حساب اي جزء من العالم العربي ،سواء في هذه المنطقة او اي مكان اخر واني لأرجو مع ذلك ان العالم لن يسمح بوقوع مثل هذا التوسع ولكن اذا هوجمت سوريا مباشرة فان علينا ان نقدم ما نستطيع لحماية اخواننا فيها.
نلاحظ من خلال اللقاء بأن جلالته كان يحصي ما أنجزه الاردن في العقدين الاخيرين وبخاصة في العقد الاخير انذاك الى بيان انجازات البلد وفي سيره الى حياة افضل وكريمة فأحصى منها استغلال الموارد الطبيعية مثل الفوسفات والبوتاس ومصادر المياه والسياحة ثم الموارد الطبيعية الاخرى وكان يرسم ويمهد من خلال لقاءه الى تصنيع الكفاءات الخدمية للعبور بالاردن بمقدمة البلدان ولم يترك وقوفه هو وشعبه للخدمة الاشقاء العرب . وكانت قضية فلسطين هي من اؤلى اهتماماته والاماكن الدينية والاعتزاز بها هذه هي العلاقة الروحانية التي وجدت بالهاشميين من تأسيس الامارة وهذه الثوابث لم تختلف من الححسين الى الحسين اليوم رحم الله الحسين بن طلال وبارك الله لنا بالحسين بن عبد الله حفظه وحفظ ملكينا عبد الله بن الحسين.