كان شعار قلاّية البندورة الى عهد قريب، بأنها (وجبة من لا وجبة له) وهذا الشعار بالمناسبة مستوحى من أحد شعارات قناة الجزيرة القائل بأنها (منبر من لا منبر له)..
اليكم السيرة الذاتية لهذه المناضلة الشعبية..
غالباً ما كانت تلجأ ربّة البيت إذا ما حوصرت أو (تقطّعت بها السبل) في تمشاية روتينية لغداء العائلة الى قلاية البندورة ، لأنها الأقل تكلفة والأكثر توفّراً والأسهل والأسرع تحضيراً فبمجرّد أن تقطّع البندورة وتوضع على النار مع قرن فلفل تأخذ لقب "القلاّية" الفخري..والسبب الأهم في سرعة اختيارها وكثرة تكرارها في البيوت الأردنية أنها الأكثر قبولاً لدى جميع الأطراف..فهي (فاست فوود ولاست فوود) الفقراء..
كما تعتبر – القّلاية - أيضاً صديقة (ألعزّابي) الأردني ، لأنها الطبخة الأولى التي يتجرأ عليها ويتفنن بها في غربته من خلال عدة إضافات غير ضرورية تعتبر اجتهاداً شخصياً ، مع العلم أن نجاح القلاّية الأولى على يد (ألعزابي) دائماً توقعه في مقلب تاريخي عندما يتوهم بأن جميع الطبخات تتم بذات السهولة و اليسر .
كما كانت قلاّية البندورة الى زمن قريب عنواناً للتواضع :كثير من الموظّفين الصغار عندما يمتدحون مسؤولاً كبيراً في تواضعه يذكرون قصّة مشاركتهم الأكل على قلاّية بندورة في موقع (س).
كذلك أثناء عودة المغتربين في الإجازات ، يصرّ الأقارب والأصدقاء على "عزيمة" المغترب بجملة مليئة بالنفاق مفادها أنهم يرغبون بأن "يكسبوه" على الغداء ، فيردّ المغترب المتظاهر بالتواضع أن العزائم "مشّ بينّا" وأنه سيزورهم ذات سهرة ويطلب بنفسه- ولو "قلاّية" بندورة - بدون أي حرج أو مجاملات رسمية..
الآن البندورة نصف الصالحة للإستهلاك البشري ، تباع بسبعين قرشاً للكيلو..وهي تتشبه تشبّهاً مكروهاً ،بالتفاح الأمريكي والموز الصومالي والكستناء الصينية..
أما ( بكم) البندورة الذي كان يدور بالحارات من غير نفس ، فيه كمية بندورة على السعر الحالي بقيمة رواتب خمسة موظّفين مصنّفين...وبالتالي فأن إجمالي قيمة الحامل والمحمول في الوقت الحالي أغلى من قيمة" لاند كروزر"..
سؤال: ماذا لو أردنا أن نقوم بعمل قلاّية بندورة ، قُطرها نصف متر، في حين قُطر "زرّ البندورة" المفروم 2 سنتمتر، على أن تكفي هذه القلاّية لسبعة أشخاص ، علماً أن سعر الكيلو سبعين قرشاً..فكم ستكون التكلفة الإجمالية ؟ هذا ليس سؤالاَ متوّقعاً في مادة الرياضيات لطلبة الثانوية العامّة..بل هو سؤال فعلي لحكومتنا الرشيدة في مادة الناس الأولى..
أرجوكم تدخّلوا ، أو نذهب "للماكدونالدز" أرحم..
ahmedalzoubi@hotmail.com