الصهيونية ستغرق بايدن بملفات بعيدة عن فلسطين
مجيد عصفور
07-03-2021 12:05 AM
بدأت ملامح اهتمامات ادارة الرئيس جو بايدن بالتبدي بما يكفي لبناء توقعات التوجه نحو العالم الخارجي.
بالنسبة للعرب وشرقهم الاوسط، لم يغادر الامل دوائر القرار بان يتوقف دولاب مروحة السياسة الخارجية الأميركية عند قضاياهم، وما أكثرها وأكبرها والتي صارت كلها بحجم القضية المركزية بالنظر لحجم المعاناة التي تتعرض لها شعوب عدة.
الانتظار يعني الاستسلام للواقع دون القدرة على تغييره وهو حيلة الضعيف او الكسول عديم الهمة، او المتآمر اذا ابتعدنا عن حسن النية.
عدونا لا ينتظر ولا يترك الاحداث تسيرها الصدف على غير ما يشتهي ولو اخذنا التغيير الذي حدث في الرئاسة الاميركية مثالا والكيفية التي تصرف بها العدو الصهيوني والعرب منذ بدء الانتخابات في الدولة العظمى الى النتيجة النهائية التي اخرجت دونالد ترمب من البيت الأبيض وادخلت جو بايدن رئيساً لأربع سنوات قادمة، لتعرفنا على طريقة التفكير المختلفة عند عدونا وعندنا.
بغض النظر عن الترجيحات او اسقاط الرغبات كان معروفا ان نتائج الانتخابات لن تسفر عن خيار ثالث فإما ترمب او بايدن، وبدلا من الدهشة غير المبررة، كان يجب تشكيل خلايا من ذوي الخبرة لوضع سيناريوهات مستقبلية واعداد خطط التعامل مع المرحلة القادمة، سواء اعيد انتخاب ترمب او جاء جو بايدن، وهذا على الأغلب لم يحدث عربياً لكنه حدث بالتأكيد في الدوائر السياسية، عند عدونا حسب الاختصاص والخبرة.
إسرائيل تعرف أن لا رئيس لأميركا يستطيع أن ينحاز للعرب، لكنها تدرك ان هناك فرقا بين رئيس سخي ومندفع بتلبية طلباتها وترمب مثال واضح، وآخر أقل سخاء واندفاعاً، وهذا بحد ذاته بالنسبة للفكر الصهيوني يصب في صالح العرب.
عملت إسرائيل أولاً على تحصيل ما يمكن تحصيله من ترمب على أساس انه لن يعود، وعملت دوائرها داخل الكيان وخارجه ولا سيما الداعمين لها في الولايات المتحدة على ابعاد اهتمام بايدن اذا نجح عن القضية الفلسطينية وحصر اهتمامه بدول تحيط بفلسطين دون الاقتراب الحقيقي والفعلي منها ومن شعبها وقضيته، وهذا ما يفسر الانشغال المبكر للرئيس بايدن وبشكل مُبالغ فيه بكل القضايا العالقة في المنطقة من مثل العلاقة مع إيران وإعادة النظر في الاتفاق النووي والعقوبات، وكذلك سحب أو إبقاء الجيوش الأميركية خارج الوطن الأميركي، وإنهاء الحروب المنتشرة في غير مكان داخل الإقليم وقبل كل شيء ومعه ملفات حقوق الإنسان والحريات.
إسرائيل لها مصلحة في تضخيم الخلاف مع إيران من حيث انتاج القوة النووية والصواريخ الباليستية طويلة المدى، والدور القيادي في بعض الدول العربية المحيطة بها، وسوف تظل تنفخ في هذه المسائل وتغرق الادارة الجديدة في ملفاتها وملفات أخرى سوف تخترعها بمساعدة قوى الضغط الصهيوني على الأرض الأميركية لتمضي فترة حكم بايدن دون أن يجد وقتاً مهما كان قليلاً لفتح ملف القضية الفلسطينية ولا حتى الانتباه للجرائم اليومية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين وأرضهم ومقدساتهم.
سياسة الإلهاء والاغراق نفذتها إسرائيل مع رؤساء سابقين لأميركا عندما حاولوا الاقتراب قليلاً من الحق الفلسطيني مثل كارتر وكلينتون الذي نصبوا له فخاً واوقعوه بفضيحة أخلاقية وحتى وزير الخارجية جيمس بيكر الذي قاوموه حتى الاقصاء.
العرب لم يفعلوا شيئاً له قيمة وظلوا ينتظرون نتيجة الانتخابات، مكتفين بتكرار موقفهم الثابت من القضية الفلسطينية والتمسك بحل الدولتين الذي باتوا على يقين أنه لم يعد قابلاً للتطبيق.
الشعوب العربية تريد من حكامها ثباتاً على المبادئ وتحريكاً للمواقف التي ان ظلت ثابتة لن تقصِّر المسافة بينهما وبين الهدف متراً واحداً، وبالتالي تصبح كلاماً لا قيمة له على الأرض من جهة، ومن جهة ثانية فان استمرار الالحاح على العالم لتحريك مواقفهم نيابة عنهم ليس سوى تسولاً لا يقابله استجابة ولا احترام.
إن الرد على مشاريع اسرائيل لا يكون باستجداء مشاريع خارجية لنيل الحقوق، بل بطرح مشاريع وطنية مدعومة بإرادة حقيقية، تستخدم كل أدوات الضغط من أجل تحقيق الأهداف وان لزم الأمر، فإن اعادة النظر باتفاقيات السلام التي لم تجلب سلاماً يجب ان يكون وبشكل جدي لا إعلامي أو وهمي، أحد هذه الأوراق واقواها فكل اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية الاخرى لا قيمة لها اذا نُسِفَت اتفاقيات السلام مع دول الطوق، وإسرائيل تعرف هذه الحقيقة.
إن الشعوب العربية تنتظر من قادتها التقدم بمشاريع قوية لمجابهة العدو التاريخي، وإذا كان العدو يطرح بين الحين والآخر مشروع الدولة اليهودية على أرض فلسطين كلها، فإن الشعوب العربية ستُناضل من أجل إقامة الدولة العربية من النهر إلى البحر، ولا مجال للقسمة ولا شراكة مع الأعداء.
الرأي