قد لا أتفق مع كثير من النظرات السوداوية حول الأوضاع الاقتصادية والوبائية في الاردن بإن المهمة مستحيلة بالمطلق بالعودة إلى نمو اقتصادي مقنع وانحسار الوباء الذي يضرب عصب الحياة العامة في العالم أجمع عموما والأردن جزء من هذا العالم ، وقد تكون النظرة هذه أشبه بالمعجزة ولكنها لا تحتاج الا إلى نظرة شمولية وجمعية بعيدة على الانا التي يغرق بها الكثير أيضا (لا أقول أشخاص، بل قطاعات ومؤسسات )، وتحتاج إلى الصبر والتضحية الحقيقة من الجميع في سبيل الجميع .
وربما نظرة إلى الواقع وخطط المعالجة تجعل المهمة مستحيلة لكن ماذا لو فكرنا في جعل سياسة اقتصادية متوسطة المدى ، تلتزم بها الحكومة وتلزم بها القطاع الخاص والأفراد ، تبدأ في استثمار المورد البشري المعطل بنسبة تصل إلى نحو ٧٣%، والموارد الطبيعية في داخل الارض وفوقها ووفق قطاعات محددة تتكاتف في سبيل تحقيق مداخيل شخصية وحكومية وعبر مشاريع استثمارية، ولعل في افكاري بعض الامثلة :-
القطاع الزراعي لدينا مساحات واسعة وشاسعة صالحة للزراعة في جنوب وشمال وشرق المملكة لا تحتاج الى استصلاح كبير بقدر ما هي عمليات إحياء فعلى سبيل المثال تمتد منطقة الغمر على مساحة 4 كيلو متر مربعة وعلى طول خمسة كيلو متر باتجاه الحدود، وتحتوي على أرضٍ زرعها العدو الصهيوني لسنوات طويلة ، تستوعب عشرات الالف من الأيدي العاملة والفنية القادرة على النهوض بها الى جانب مشاريع استثمار الطاقة البديلة لتحلية واستخراج المياه والحصاد المائي ، ويحرك قطاع الصناعات الغذائية ، القطاع التجاري مع قطاع النقل ، وهنا ربما اتحدث عن ما يصل إلى ١٥٠ ألف فرصة عمل منتجة ، ومن المناطق التي أشرت يمكن أن تنشط عملية التنمية والانتقال بالنشاط العمراني ما يخرج الكثير الى اصحاب رؤوس الأموال الى الاستثمار المساند لهذه المشاريع.
قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، من القطاعات التي قطعت أشواطا مهمة في الاردن اعتمادا على الأيدي العاملة التي خرجتها الجامعات الأردنية في السنوات القليلة الماضية ، ومضت الشركات الصغيرة والمتوسطة منافسة في الأسواق العربية والاقليمية محققة نجاحات شكلت بحسب جمعية شركات تقنية المعلومات الأردنية- انتاج ١٤% من الناتج المحلي ، وهنا تبرز الحاجة الى تغيير نموذج الأعمال لدينا في ظل جائحة كورونا في خضم الوضع الجديد، والاتجاه الى ابتكار العروض ونماذج الأعمال والتوسع بها .
قطاعا الصناعات الغذائية والدوائية قطاعان رائدان في عالم الأعمال وفي ظل الجائحة التي فرضت حاجة متزايدة في الطلب ،دون سعي الى تلبية ذلك وتغيير نمطية الانتاج، بل إن بعض الإجراءات المؤسسية شكلت تراجعا في التكييف مع الوباء رغم ان ادارة الازمات تتطلب العكس تماما ، وهناك حاجة ليست محلية فحسب بل إقليمية
لا أعتقد أن رأس المال والتمويل هو عائق اساسي في انجاز مهمة النمو والعودة إلى بالاقتصاد الى ما قبل الجائحة ، وهناك العديد من الرؤى والافكار في مختلف القطاعات التي لا بد ان يستمع من اهلها وخبراءها وتقديم أقصى درجات الدعم والتسهيلات الاستثمارية ، وبالمجمل على الجميع التفكير بعقلية جمعية لأجل الفرد والوطن والمستقبل .
mamoonmassad@hotmail.com