facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




نهاية الرأسمالية واغتيال الديموقراطية .. ما اتفق عليه الضدان


د. عادل يعقوب الشمايله
06-03-2021 02:41 PM

مُنذ أن صَنَفتْ مُنظمةُ الصحة العالمية مُسبب الاعراض التي بدأت تظهرُ على الاف الناس في الصين أولا ثم في عدد محدود من البلدان، على أنه ليس وباءاً يقتصر على الصين فحسب، بل حربا فايروسية عالمية، وأطلقت عليه تسمية كوفيد ١٩، تم التعاملُ مع الوباء وتوظيفهِ ضِمنَ خمسة أبعاد متباينة، هي البعد الديني القدري، والبعد السياسي الاقتصادي، والبعد التأمري، والبعد العقلاني الواقعي، وأخيرا البعد التقويضي.

أولا، البعد الدِينيٌ القَدَري. تُؤمنُ قطاعات واسعة من الناس في مختلف البلدان أن كوفيد ١٩ هو عُقوبةٌ من الله، ولذا يجب القبول به على أنه قضاء الله وقدره. هؤلاء الناس لا يستوعبون أنه لو كان عقوبة جماعية من الله، لكانَ ليس بالإمكان اتقاءه والتغلب عليه، ولبلغ عدد ضحاياه مئات الملايين من البشر إلى أن يقضي الله قضاءا آخر.

الحقيقة كل الحقيقة، أن فايروس كورونا، مؤدب وابن عيلة ولا يدخل البيوت أو بالأحرى الرئتين الا من ابوابهما بعد الاستئذان والترجي والسماح له بالدخول. فالفايروس لا يركض وراء الناس، بل يتركهم بحالهم إن هم ابتعدوا عنه. السلامة منه بسيطة جدا. مُجرد التباعدِ وارتداء الكمامة، وترك العادات القديمة السيئة المتمثلة بالمصافحة والعناق. هذه العادات التي كانت ولا زالت تجلب العديد من الامراض المُعديةِ مثل السل والكبد الوبائي والانفلونزا وغيرها كثير.

بالنسبة للمتطرفين دينيا، فإن هذه الإجراءات مرفوضة. وردهم لا يقتصر على رفض ارتداء الكمامةِ ورفض التباعد الاجتماعي، بل مُقاومةَ من يُحاولُ فرضهما بشتى أنواع المقاومة.

وللدفاع عن هذا الموقف، أو لإقناع الاتباع به، تم توظيف الآية القرآنية "قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا". لم تقتصر المعارضة للاحتياطات من الفيروس على المسلمين فقط، بل ينتمي اليها فئاتٌ مُتزمتةٌ من المسيحيين واليهود، استعانت هي الأخرى بنصوصَ من الكتاب المقدس. وقد شاهدنا على شاشات التلفزة عشرات الالاف من الأوروبيين واليهود والامريكان يخرجون الى الشوارع رافضين الإجراءات الوقائية التي تفرضها حكوماتهم. ووصل الامر بالرئيس السابق ترامب أنْ شجع أنصارهُ على اقتحام مكاتب حكام الولايات الديموقراطيين لإجبارهم على إلغائها.

ثانيا البعد السياسي الاقتصادي، حمل لواء هذا البعد الرئيس الامريكي السابق ترامب، بُغيةَ استخدامه كسلاح رديف ومُعزز لسلاح القيود والرسوم الإضافية على التبادل التجاري في حربه "النصف باردة" مع الصين، واتهم الصين بأنها هي من طورتهُ ومَكنتهُ من الانتشار بعد التستر عليه. ولذلك سماه الفيروس الصيني China virus. لتشويه سمعة الصين عالميا ولابتزازها في ملفات الملكية الفكرية وكوريا الشمالية وعجز الميزان التجاري، ومن ثم التمهيد لإجراءات أُممية عقابية تحد من الصادرات الصينية التي استحوذت على معظم الأسواق بما فيها السوق الأمريكي نفسه. كما اتهم منظمة الصحة العالمية بأنها تسترت على الصين ولم تعلن عن خطورة المرض بصورة أبكر، كما رفضت الصاقه بالصين. وعلى هذا الأساس قرر انسحاب بلاده منها. في حين أن هدفه الحقيقي هو إنعاش الاقتصاد الأمريكي وتخفيض النمو الاقتصادي الصيني للحيلولة دون وصولها الى الاقتصاد الأول عالميا.

البعد الثالث تآمري. منذ بداية الإعلان عن الوباء، وجهت أصابع الاتهام الى أمريكا والغرب ثم الصين. ونُظِرَ الى الوباء على أنه مؤامرة دُبرت بليل. تشكل بناءا على ذلكطابور خامس على مستوى العالم تبنى هذا الطرح. مع الأيام، أثبت الطابور الخامس أن خطره يفوق خطر فايروس كورونا نفسه، لأنه لم يتوقف عن بث المزاعم والادعاءات عن نتائج أبحاث علمية طبية تؤكد خطورة المطعوم وأثاره الجانبية المستديمة وحكاية المؤامرة. كما ضخمت من حجم وتأثير بيل جيت وشركة مايكروسفت الى حد الاقتناع بأنهما يحكمان العالم، فأصبحا يتصدران غالبية بيانات وتصريحات وتسريبات المؤمنين بنظرية المؤامرة. أُتهم بيل جيت بأنه هو المنتفعُ الوحيدُ من الوباء. فهو من يقف وراء تصنيعه ونشره. وأنّه سيجَنيُ المليارات من اثمان المطاعيم التي سُينتجها أو سيُساهم في إنتاجها. إضافة الى أن هدف المطعوم ليس إنقاذ المُصابين بالكورونا كما تزعم الحكومات والجهات الطبية، بل زرع الشريحة التي طورتها شركة مايكروسفت لتغيير جينات الناس بُغيةَ تطويعهم وتوجيههم ومراقبتهم باستمرار لصالح الحكومة العالمية.

ثالثة الاثافي في مسرحية بيل جيت، هي القول بسعيه لإضعاف خصوبة الناس لخفض التزايد السكاني السنوي وتقصير اعمار البشر ليتقلص عدد سكان الأرض الى ٥٠٠ مليون فقط وهو الرقم السحري الذي نُسب قبل سنوات لهنري كيسنجر وزير خارجية أمريكا الأسبق، على اعتبار أن بيل جيت اليهودي وهنري كسينجر اليهودي أيضا ينتميان الى نفس المنظمة السرية التي تحكم العالم.

موقف الطابور الخامس، لم يتزحزح رغم ما بدا للجميع أن الإصابات بالفيروس لم تفرق بين الناس حسب درجة غناهم او مناصبهم. كما لم يردهم عن استراتيجيتهم التخريبية رؤيتهم لاقتصادات دول العالم تتدهور وفي مقدمتها الدول العظمى الأكثر معرفة وعلوما ودهاءا. لحد الان، لم يفسر الطابور الخامس سر تقبل واستسلام الدول العظمى لمخططات بيل جيت التي أدت الى مزيد من الصعود للصين لدرجة أنها ستتقدم عليها جميعا. وسر صمت شركات كبرى خسرت أو افلست وبقي أصحابها صامتين مع انهم اغنى واكثر نفوذا من بيل جيت وشركة مايكروسفت وبإمكانهم تصفيده بالأغلال حتى يُفصح عن اسرار الفايروس وعلاجه بدلا من التطعيم ضده، ولم يفسر أيضا ، لماذا تقبل الدول العظمى ما حل بها مما اضطرها لضخ مئات المليارات من الدولارات لانعاش اقتصاداتها وكمعونات للأسر لإنقاذها من الجوع والامراض الأخرى وفقدان مساكنها بعد أن فقدت و وظائفها .ولم يتفضل الطابور الخامس بإيضاح مبرر ، استمرار نمو الإنتاج الصناعي والزراعي والخدمي العالمي طالما أن سكان الأرض سيتراجعون الى ما يعادل سكان أوروبا او أقل من نصف سكان الصين؟

رابعا البعد العقلاني الواقعي. هذا البعد يعكس موقفَ مُعظمِ الأطباء والهيئات الطبية ومراكز البحوث وعلماء الأوبئة والأكاديميين والمستنيرين. هذا الموقف تبنته مُعظمُ حكوماتِ العالم باستثناء الحكومات اليمينية.

على الرغم من الأرضية الصلبة التي يقف عليها اتباع البعد العقلاني الواقعي، والمتمثلة بإصالة ومصداقية الأبحاث والدراسات التي اطلع عليها أو أعدها او شارك فيها أو فحصها منتسبون له، فإنه يتعرض للتشكيك المتصاعد من أطباء ومدعي الطب من مختلف الدول. يُطلونَ على الناس من نوافذ وسائل التواصل الاجتماعي مما يتطلب منهم مواصلة الدفاع عن موقفهم والتأكيد على الحقائق ودحض الشائعات وتقديم النصح.

ليس من المستغرب أن تلاقي ترهات المُشككين في وجود الوباء او في المطعوم رواجا وتصديقا بين العامة الذين يتناقلونها بلهفة وغيظ ويأس وحيرة عبر الواتسب اب، لأنهم لم يعودوا قادرين على التمييز بين الأكاذيب والحقائق، مما يصعبُ عليهم الوصول الى قرار قاطع. فمن جهة هم يرون ويسمعون عن الوفيات بين أقاربهم ومعارفهم وأصدقائهم. ومن جهةٍ أُخرى يعيشون حالة ذعر من النتائج المزعومة لتلقي المطعوم.

خامسا، البعد التقويضي:

في كتابه نهاية العالم، خلُصَ يوكوهاما الى نتيجة مفادها أن الرأسماليةَ والقيمَ الديموقراطية قد أصبحتا المذهبين "الخاتم" بعد انهيارِ منظومةِ الأنظمة الشيوعية الاستبدادية في عدد من الدول في نهاية الثمانينات من القرن الماضي مما يبرهن من وجهة نظره على عدم ملائمة النظرية الشيوعية للواقع، وفشل تنبئاتها.

وعلى الرغمِ من الانتقادات التي وجهت لنظرية نهاية التاريخ، الا أنها لم تخرج من التاريخ، الا بعد أن تلقت ضربات قاضية من طرفين يقفان على طرفي نقيض. تولى كُلُ طرفٍ منهما ضرب محورٍ من محوري النظرية بعد أن وَفْرَ وباء الكورونا البيئة والسلاح المناسبين.

من ناحيةٍ، استخدمت الصين ظهور فيروس كورونا للانقضاض على الرأسمالية لتقويضها وإنهاء تاريخها فعلا لا تنبئاً، ثأراً لما حل بمعظم الدول الشيوعية وما لحق بالنظرية الشيوعية من حيف، ولإثبات أن النظرية الشيوعية والاقتصاد الشيوعي يمثل نهاية التاريخ كما تنبأ بذلك كارل ماركس، لأن بُنيته أمنعَ من بنية الاقتصاد الرأسمالي وأكثر استقراراً مما يجعله أقدر على تحمل الصدمات ومواجهة الازمات ولأنه أقلَ حساسية لمد الطلب وجزره.

هذا، إضافة للرد على سياسات وقرارات ترامب المتعجرفة تجاهها. أي أن الصين استغلت الوباء وتخبط الإدارة الامريكية في مواجهته بتسريع وتيرة ضرباتها الموجعة للاقتصاد الأمريكي واقتصادات الدول الأوروبية لتتربع على الكرسي الحلم.

المحور الثاني من محاور البعد التقويضي هو السعي لتقويض العولمة، والعودة الى الانعزالية وتنازع الأصول والمنابت والأديان والحروب التجارية. هذا المحور شكل العمود الفقري لبرنامج ترامب الانتخابي مدعيا أنه يريد ارجاع عظمة أمريكا، مع ان دوافعه ايدولوجية بحتة. كما أنه مثل إلهاماً لأحزاب يمينية في أوروبا وامريكا الجنوبية.

وقد طابق أداء ترامب الفعلي بعد الفوز برنامجه ووعوده، حيث لم يتوقف عن السعي للقفز من فسطاط يوكوهاما الرأسمالي الديموقراطي ومن عالمية نهاية التاريخ، بضرب الاقتصادات الرأسمالية وحتى شبه الرأسمالية. وزاد على ذلك أن شجع التفسخ والخروج من الاتحادات الاقتصادية والكنفودراليات، ومثال ذلك خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وانسحاب أمريكا من المعاهدات الدولية ومنها بينها اتفاقية باريس للمناخ، واتفاقية جنوب شرق اسيا للتجارة، ومنظمة الصحة العالمية.

المحور الثالث من محاور البعد التفويضي هو تقويض الديموقراطية وحقوق الانسان.

كان هذا منهج إدارة ترامب داخل أمريكا وخارجها. الرئيس ترامب يؤمن بمبدأ الصفرية The process of zero-based budgeting starts from a "zero base لا ترى هذه النظرية أن من الضروري، أو من المفيد التقيد بالالتزامات والسياسات السابقة، وتنصح بالبدء من نقطة الصفر. يلاحظ ذلك في كافة خطاباته وتغريدا ته. فهو أفضل الرؤساء ولا أحد يفري فريه في كل مجال، وأن كافة قراراته وآرائه جديدة ومبتكرة. فمنذ اليوم الأول بدأ بمهاجمة الرئيس السابق اوباما والحزب الديموقراطي. وكان على رأس أولوياته العودة عن كافة إنجازات وسياسات اوباما الداخلية والخارجية. مما يعني عدم الاعتراف بتكامل وتراكم الإنجازات، وشرعية السياسات المستقاة من برامج انتخابية قبلها الشعب الأمريكي وانتخب الرئيس لينفذها. هذا السلوك يناقض أصول الحكم الديموقراطي وتداول السلطة.

كما تغاضى ترامب عن مخالفات حقوق الانسان في بورما وفي الدول العربية وامريكا اللاتينية وروسيا وافريقيا وفي بلده أمريكا حيث اشتدت النزاعات ذات الابعاد العرقية والدينية التي لم يسلم منها السود والهسبانك واليهود والمسلمين.

ولم يعد موضوع حقوق الانسان على جدول اعمال الرئيس والمسؤولين الأمريكيين في مفاوضاتهم مع الدول الأخرى.

لا شك أن معظم المتابعين، وخاصة من كان يرى في ديموقراطية أمريكا النموذج الحي، الجدير بالتقليد، قد صُدموا وهم يرون رفض ترامب وحزبه لنتائج الانتخابات الرئاسية، وعدم احترامه لأصوات غالبية الأمريكيين، حين سعى بكل الوسائل القانونية وغير القانونية للانقلاب على نتائج الانتخابات والبقاء في السلطة من خلال الضغوط والمحاكم والتزوير وأخيرا احتلال مبنى الكونغرس بالعنف الدموي.

لو قدر لترامب ان ينجح، لعمل على تقطيع اوصال العالم، ولشرذمة القرية العالمية لتتحول الى ما يشبه مجرة درب التبانة في تبعثرها وتباعدها. ولقضى على بصيص الامل الذي يراود شعوب العالم الثالث بأن تستظل بحكم ديموقراطي في يوم من الأيام، حين يرى المستبدون ماذا حل بصومعة الديموقراطية.

إن من الخطأ الفادح الاعتقاد بأن الديموقراطية أصبحت في مأمن بعد نجاح جوزيف بادين. إذ أن نهج ترامب لا زال قويا، وهذا ما بدا من مداولات وخطابات زعماء الحزب الجمهوري في اجتماعهم السنوي قبل أيام. حيث أقر معظم المحللين أن الحزب الجمهوري قد أصبح حزب ترامب. وأن النواب والشيوخ الجمهوريين يرون أن فرص نجاحهم في الانتخابات القادمة تعتمد على دعم ترامب وتسويقه لهم للناخبين من أنصاره الذين يقاربون ثمانين مليونا. يترتب على ذلك، أن برنامج الحزب الجمهوري سيكون مطابقا لتصورات ورغبات وتهيئات ترامب. كما بدا واضحا أن ترامب سيكون مرشح الحزب الجمهوري بدون منازع في عام 2024. إن تم ذلك، فإن الديموقراطية والعولمة وحرية التجارة والاتحادات وحرارة الكون في خطر خطير.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :